صادق الفهم سوي الإدراك بالقليل، ما لا يقدر على الانتفاع بما هو أكثر منه كثير من جامدي الفهم وراكدي الفطنة ص (٢٢٢).
ويتأثر مستوى التحصيل العلمي كذلك باختلاف الرغبات والدوافع والجهد (الهمم) واختلاف الأهداف المتوخاة من وراء العملية التعليمية: "إنه لما كانت تتفاوت المطالب في هذا الشأن (أي شأن طلب العلم) وتتباين المقاصد بتفاوت همم الطالبين وأغراض القاصدين، فقد ترتفع همة البعض منهم فيقصد البلوغ إلى مرتبة في الطلب لعلم الشرع، ومقدماته يكون عند تحصيلها إمامًا مرجوعًا إليه .. وقد تقصر همته عن هذه الغاية فيكون غاية مقصده أن يعرف ما طلب منه الشرع .. "(ص ١٧٩ - ١٨٠).
فالعملية التعليمية تتوقف على الدوافع التي تدفع إليها، فالذي لديه رغبة في التعليم يتعلم أسرع من المجبر عليه، ويلاحظ أن قوة الدوافع للعلم عند أبناء الطبقات الفقيرة أو الدنيا في المجتمع بشكل يفوق مثيله، عند أبناء الطبقات العليا أو المترفة في نفس المجتمع، ويدل على ذلك كثرة العلماء الذين برزوا من أبناء الفقراء، أو أبناء الطبقات المضطهدة (كالموالي مثلًا)، لأن الطالب المنتمي إلى هذه الفئة يحاول أن يكمل بالعلم ما بدا فيه من نقص، ويعوض به ما فقده من الجاه أو الحسب، أما بعض الطلاب الذين ينتمون إلى فئة أرقى من هذه الفئة، فقد يقتصر هدفهم من التعليم على المحافظة على الوضع الاجتماعي أو الوظيفي لسلفه، وفي ذلك يقول الشوكاني عن فئة من الطلاب من أبناء الأسر العريقة في النسب الذين تقتصر دوافعهم على "إدراك منصب من منصاب أسلافهم ونيل رئاسة من الرئاسات التي كانت لهم كما نشاهده في أغلب البيوتات المعمورة بالقضاء، أو الإفتاء الخطابة أو الكتابة". فهذا الطالب "يكون ذهنه كليلًا وفهمه عليلًا ونفسه