للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلف الناس وإن كان مقصرًا في العمل وإن كان يزحف على أسته" (١) هكذا في حفظي فليراجع المستدرك، فانظر كيف جعل المنصف أعلم الناس وجعل ذلك هو الخصلة الموجبة للأعلمية، ولم يعتبر غيرها. وإنما كان أبصر الناس بالحق إذا اختلف الناس، لأنه لم يكن لديه هوى ولا حمية ولا عصبية لمذهب من المذاهب أو عالم من العلماء، فصفت غريزته عن أن تتكدر بشيء من ذلك فلم يكن له مأرب ولا مقصد إلّا مجرد معرفة ما جاء عن الشارع، فظفر بذلك بسهولة من غير مشقّة ولا تعب لأنه موجود إما في كتاب الله وهو بين أظهرنا في المصاحف الشريفة مفسر بتفاسير العلماء الموثوق بهم وإما في سنة رسول الله وهي أيضًا موجودة، قد ألَّف أهل العلم في أدلة المسائل من السنّة كتبًا متنوعة منها ما هو على أبواب الفقه، ومنها ما هو على حروف المعجم، فكان تناوله يسيرًا، ثم قد تكلم الأئمة على صحتها وحسنها وضعفها فجاؤوا بما لا يحتاج الناظر معه إلى غيره ووضعوا في ذلك مؤلفات مشتملة على ذلك اشتمالًا على أحسن وجه وأبدع أسلوب، ثم أوضحوا ما في السنّة من الغريب بل وجمعوا بين المتعارضات، ورجحوا ما هو راجح، ولم يدعوا شيئًا تدعو إليه الحاجة فإذا وقف على ذلك من قد تأهّل للاجتهاد وظفر بعلومه أخذه أخذ غير أخذ مَن لم يكن كذلك وعمل عليه، مطمئنه به نفسه، ساكنة إليه نافرة عن غيره هاربة منه.


(١) رواه الحاكم من حديث طويل عن ابن مسعود ٢/ ١٨٠، رواه الطبراني في الكبير بإسنادين ٨/ ٢٢٠ - ٢٢١ (١٠٥٣١)، ٨/ ١٧١ (١٠٣٥٧)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ٩٠، ١٦٣؛ ٧/ ٢٦٠ - ٢٦١ رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح غير بكير بن معروف وثقه أحمد وغيره وفيه ضعف، وفي الأخرى عقيل ابن الجعد، قال البخاري: منكر الحديث، رواه كذلك ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٧/ ٢٣٩ - ٢٤٠، ابن كثير في التفسير ٤/ ٣١٦ وقد استشهد به الشوكاني في: القول المفيد ص ٤٣، ونصّ الحديث: "يابن مسعود أتدري أي الناس أعلم؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: إن أعلم الناس أبصرهم بالحق .. إلخ".

<<  <   >  >>