للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم وحصّة من فهم، لكنه قد أعمى بصيرته الحسد وذهب بإنصافه حب الجاه، وهذا لا ينجع فيه الدواء ولا تنفع عنده المحاسنة ولا يؤثر فيه شيء، فما زلت على ذلك وأنا أجد المنفعة بما يصنعونه أكثر من المضرَّة والمصلحة. العائدة على ما أنا فيه بما هم فيه أكثر من المفسدة.

ولقد اشتد بلاؤهم وتفاقمت محنتهم في بعض الواقعات فقاموا قومة شيطانية وصالوا صولة جاهلية، وذلك أنه ورد إليّ سؤال في شأن ما يقع من كثير من المقصّرين من الذَّم لجماعة من الصحابة صانهم الله، وغضبت على من ينتهك أعراضهم المصونة، فأجبت برسالة (١) ذكرت فيها ما كان عليه أئمة الزيدية من أهل البيت وغيرهم، ونقلت إجماعهم من طرق وذكرت كلمات قالها جماعة من أكابر الأئمة، وظننت أنّ نقل إجماع أهل العلم يرفع عنهم العماية، ويردّهم عن طرق الغواية، فقاموا بأجمعهم وحرروا جوابات زيادة على عشرين رسالة (٢) مشتملة على الشتم والمعارضة بما لا ينفق إلّا على بهيمة، واشتغلوا بتحرير ذلك وأشاعوه بين العامة ولم يجدوا عند الخاصة إلّا الموافقة، تقية لشرهم وفرارًا من معرتهم، وزاد الشر وتفاقم حتى أبلغوا ذلك إلى أرباب الدولة والمخالطين للملوك من الوزراء وغيرهم، وأبلغوه إلى مقام خليفة العصر (٣) حفظه الله وعظَّم القضية عليه جماعة ممن يتصل به، فمنهم من يشير عليه بحبسي، ومنهم من ينتصح له بإخراجي من مواطني، وهو ساكت لا يلتفت إلى شيء من ذلك وقاية من الله وحماية لأهل العلم ومدافعة


(١) هي رسالته المسماة إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي (مخطوطة)، ذكر المؤلف في البدر الطالع ١/ ٢٣٤، أنه ألفها سنة ١٢٠٨ هـ (الحبشي).
(٢) جمعت في كتاب بعنوان إظهار الخبى، وانظر كتابنا مصادر الفكر الإسلامي ص ١٤١ (الحبشي).
(٣) هو المنصور علي بن العباس، حكم اليمن من سنة (١١٨٩ - ١٢٢٤ هـ) انظر ترجمته في البدر الطالع ١/ ٤٥٩ - ٤٦٧.

<<  <   >  >>