للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولطفه الخفي، لأن من كان الحامل له على ما وقع، الحسد والمنافسة لم ينجح كيده بل كان الأمر على خلاف ما يريد.

ومن عجيب ما أشرحه لك: أنه كان في درس بالجامع بعد صلاة العشاء الآخرة في صحيح البخاري يحضره من أهل العلم الذين مقصدهم الرواية وإثبات السماع جماعة، ويحضره من عامة الناس جمع جمّ لقصد الاستفادة بالحضور، فسمع ذلك وزير رافضي من وزراء الدولة، وكانت له صولة وقبول كلمة بحيث لا يخالفه أحد، وله تعلق بأمر الأجناد، فحمله ذلك على أن استدعى رجلًا من المساعدين له في مذهبه، فنصب له كرسيًا في مسجد من مساجد صنعاء، ثم كان يسرج له الشمع الكثير، في ذلك المسجد (١)، حتى يصير عجبًا من العجب فتسامح به الناس وقصدوا إليه من كل جانب لقصد الفرجة والنظر إلى ما لا عهد لهم به والرجل الذي على الكرسي يملي عليهم في كل وقت ما يتضمن الثلب لجماعة من الصحابة صانهم الله، ثم لم يكتف ذلك الوزير بذلك، حتى أغرى جماعة من الأجناد من العبيد وغيرهم بالوصول إليّ لقصد الفتنة، فوصلوا وصلاة العشاء الآخرة قائمة، ودخلوا الجامع على هيئة منكرة وشاهدتهم عند وصولهم فلما فرغت الصلاة قال لي جماعة من معارفي: إنه يحسن ترك الإملاء تلك الليلة في البخاري، فلم تطب نفسي بذلك، واستعنت بالله وتوكلت عليه، وقعدت في المكان المعتاد، وقد حضر بعض التلاميذ، وبعضهم لم يحضر تلك الليلة لمَّا شاهد وصول أولئك الأجناد ولما عقدت الدرس وأخذت في الإملاء رأيت أولئك الأشخاص يدورون حول الحلقة من جانب إلى جانب، ويقعقعون بالسلاح ويضربون سلاح بعضهم في بعض، ثم ذهبوا ولم يقع شيء بمعونة الله تعالى وفضله ووقايته. ثم أن ذلك الوزير أكثر السعاية إلى المقام


(١) راجع: ص ١٥٢ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>