للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطور الرابع: المضغة.

اختلفوا في معنى المضغة:

فقيل: هي القطعة الصغيرة من اللحم، على قدر ما يمضغه الآكل،

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله. الحديث (١).

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: (مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) [الحج: ٥].

قال ابن كثير: «إذا استقرت النطفة في رحم المرأة، مكثت أربعين يومًا كذلك، يضاف إليها ما يجتمع إليها، ثم تنقلب علقة حمراء بإذن الله، فتمكث كذلك أربعين يومًا، ثم تستحيل فتصير مضغة قطعة من لحم لا شكل فيها ولا تخطيط، ثم يشرع في التشكيل والتخطيط، فيصور منها رأس، ويدان، وصدر وبطن، وفخذان، ورجلان، وسائر الأعضاء. فتارة تسقطها المرأة قبل التشكيل والتخطيط، وتارة تلقيها وقد صارت ذات شكل وتخطيط، ولهذا قال تعالى: (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) [الحج: ٥]، أي كما تشاهدونها، (لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) [الحج: ٥]، أي وتارة تستقر في الرحم لا تلقيها المرأة، ولا تسقطها، كما قال مجاهد في قوله تعالى: (مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قال: هو السقط مخلوق، وغير مخلوق، فإذا مضى عليها أربعون يومًا وهي مضغة أرسل الله تعالى ملكًا فنفخ فيها الروح، وسواها كما يشاء الله عز وجل من حسن، وقبح، وذكر وأنثى، وكتب رزقها وأجلها، وشقي أو سعيد كما ثبت في الصحيحين. وذكر حديث ابن مسعود السابق (٢).


(١) رواه البخاري (٥٢)، قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا زكريا، عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقي الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب. رواه مسلم (١٥٩٩).
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>