للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنأخذ من هذا ما يلي:

أولًا: أن النطفة حتى تكون مضغة تحتاج إلى ثمانين يومًا.

وثانيًا: أن المضغة منها ما هو مخلق أي قد ظهر فيه تخطيط، وتصوير، ومنها ما هو غير مخلق. أي ليس فيه تصوير. فمعنى ذلك أن الأربعين الأولى وهي مرحلة النطفة، والأربعين الثانية، وهي مرحلة العلقة لا تخطيط فيها، إنما التخطيط في مرحلة المضغة، وهي من بعد الثمانين. ولذلك قال سبحانه وتعالى: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً) [المؤمنون: ١٤] فجعل خلق العظام وكسوها باللحم يعقب المضغة، وعبر بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب، أي ليس هناك تراخ طويل. وهو مقتضى حديث ابن مسعود في الصحيحين، حيث قال: (ثم يكون مضغة مثل ذلك): أربعين يومًا، ثم قال: (ثم ينفخ فيه الروح) وواضح أنه لا ينفخ فيه الروح إلا وقد أصبح بشرًا سويًا، كما قال تعالى: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ) إذًا في الأربعين الثالثة هي مرحلة التخليق والتصوير الذي يسبق نفخ الروح، والله أعلم (١)

القول الثاني: في معنى المخلقة.

ذهب بعض العلماء إلى أن قوله: (مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) هي من صفة النطفة، قال: ومعنى ذلك: فإنا خلقناكم من تراب، ثم من نطفة مخلقة وغير مخلقة، فقالوا: فأما المخلقة فما كان من خلق سويٍ، وأما غير المخلقة فما دفعته الأرحام من النطف، وألقته قبل أن يكون خلقًا.

(٢٠٣٠ - ٤٩٠) روى ابن جرير الطبري في تفسيره، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن علقمة،


(١) وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٩) في معنى «مخلقة»: إذا رجعنا إلى أصل الاشتقاق فإن النطفة والعلقة والمضغة مخلقة؛ لأن الكل خلق الله تعالى، وإن رجعنا إلى التصوير الذي هو منتهى الخلقة كما قال تعالى: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ) فذلك ما قال ابن زيد وقد ساق قوله قبل: وهو المخلقة التي خلق الله فيها الرأس واليدين والرجلين، وغير المخلقة التي لم يخلق فيها شيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>