خصوصياً للأمور الطبية،
وهو اليوم مشتغل بأن يرقى المدرسة الطبية المذكورة إلى أعلى مدارج الكمال، وحصل لها أرضاً
خارج البلدة وبنى بها بناءاً شامخاً للمدرسة، وسافر إلى العراق، وزار بغداد والمشاهد حوالي سنة
١٣٢٣ هـ، وسافر إلى بلاد الغرب سنة ١٣٢٨ هـ، فرأى بها المدارس والمارستانات.
وله شهرة عظيمة في بلاد الهند، لقبته الدولة البريطانية بحاذق الملك سنة ١٣٢٥ هـ إعترافاً بخدماته
الطبية وعلو المنزلة في أهل الهند، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى وظهرت معاداة الحلفاء للدولة
العثمانية وتآمرها على مملكتها وبلادها وكان للدولة البريطانية النصيب الأوفر في هذه المعاداة هاج
المسلمون في الهند وأبدوا سخطهم واستنكارهم، وكان الشيخ أجمل المترجم له من زعماء هؤلاء
المسلمين، فرد الوسامات التي نالها من الحكومة الإنجليزية ولقب حاذق الملك الذي منحته، علامة
للاستنكار ومجاراة لأهل ملته، وكان ذلك في سنة ١٣٢٩ هـ، فقرر المسلمون أن يعوضوه بلقب آخر
فمنحوه لقب مسيح الملك، وكان ذلك بقرار قرر في حفلة لجميعة العلماء في كانفور، وغلب عليه هذا
اللقب الأخير واشتهر به، وضرب بسهم وافر في الحركة الوطنية المتحدة، وبذل جهده في جمع كلمة
أهل الهند وطوائفهم وتأليف جبهة متحدة لتحرير البلاد ونيل الاستقلال، لذلك اشترك في المؤتمر
الوطني الهندي، ورأس بعض حفلاته المهمة، وعمل مع غاندي وزعماء المؤتمر، وكان من أكبر
أصدقائه، وكان جميع أهل الطوائف ينظرون إليه باحترام، ويجلونه لعقله وكبر نفسه ورزانته
ونزاهته، وبقي محترماً كبير المنزلة عظيم الجاه عند جميع الطبقات، حتى بعد ما نشب الخلاف بين
المسلمين والهنادك وحدثت الحروب الطائفية.
وسافر إلى أوربا مرة ثانية في سنة ١٣٤٤ هـ، وزار عواصم أوربا الكبيرة، وزار سوريا وفلسطين
ومصر، واحتفت به هناك الأوساط الإسلامية.
وكان مع اشتغاله بالسياسة دائم الاشتغال بالمطالعة، شديد العناية بالصناعة الطبية، كبير الاهتمام
بتقدمها ورقيها، بحسب تغير الأحوال وتقدم العلوم، مواظباً على المداواة، والعناية بالمرضى، مشاركاً
في الحركات العلمية والمشاريع الخيرية، رأس حفلة ندوة العلماء مرتين: مرة في دهلي في سنة
١٣٢٨ هـ، وثانية في كانفور سنة ١٣٤٥ هـ، له مشاركة جيدة في العلوم الأدبية، صنف له العلامة
محمد طيب المكي والرامفوري النفحة الأجملية في الصلات الفعلية واختير عضواً في المجمع العلمي
العربي بدمشق.
كان الشيخ أجمل جميلاً وسيماً، حسن الشارة، حلو المنطق، لطيف العشرة، حاضر البديهة، خفيف
الروح، بشوشاً مع رزانة ووقار، وعفة نفس، لا تعتريه الحدة، ولا يغلبه الطيش، بعيداً عن التبذل،
وهجر الكلام.
له مصنفات كثيرة، منها: القول المرغوب في الماء المشروب، وإزالة المحن عن اكسير البدن،
وإيقاظ النعسان في أغاليط الاستحسان، والتحفة الحامدية في الصناعة النكلسية، والأوراق المزهرة
والساعاتية، كلها باللغة العربية، وله رسالة في الطاعون، ورسالة في النحو، ورسالة في تركيب
الأدوية، واستخراج درجاتها، وله المحاكمة بين القرشي والعلامة، وله حاشية على شرح الأسباب إلى
مبحث السرسام، وله اللغات الطبية والمحمودية مقدمة اللغات الطبية، وله خطب مبتكرة بالأردو،
ومقالات معجبة في السياسة، ومختارات في المسائل الطبية.
ومما خالف فيه جمهور الأطباء وهي عدة مسائل: تخصيص أيام البحران، بحسب الدورة القمرية،
ليس بشيء، لأنها لا تقع كثيراً في الأيام المخصوصة بها كما نشاهد، ولذلك اضطروا إلى القول بتقدم
البحران وتأخره، الحمى الصفراوية لا وجود لها لأن الصفراء لا تتعفن لوجوه، أحدها أن الصفراء
تنصب من المرارة إلى الأمعاء فتمنع الفضول من التعفن، فالشيء الذي أودعه الله فيه منع التعفن
كيف يتعفن، وثانيها أن الصفراء التي توجد في مرارة الحيوانات إذا وضعت في إناء فتبقى فيه، لا
تتعفن، وثالثها أن الصفراء مثل الخل والخمر في اللطافة والحدة، وهما لا يتعفنان، الأخلاط لا تتعفن
داخل العروق، لأنها دائمة