صاحب أخلاق رضية، لم
أر مثله في استحضار أخبار السلاطين وآثار المشايخ واستقامة العقل والتزام القناعة
والرسوخ في العقيدة وحسن المعيشة بدون أسبابها والتجريد والتفريد، كان يتزيأ بزي
الصوفية ويعيش قنوعاً بشوشاً في العسر واليسر، له ديوان شعر فارسي، وشعره في غاية
الطلاوة والحلاوة ولذلك لقبه الناس بسعدي الهندي، انتهى.
ومن شعره قوله رحمه الله:
مشكل سروكاري است كه بر وعده معشوق صابر نتوان بود وتقاضا نتوان كرد
وله:
من بودم وكنجي وحريفي وسرودي غم راجه نشان داد بلا را كه خبر كرد
وله:
اي حسن توبه آنكهي كردي كه ترا طاقت كناه نماند
والحسن انتقل من دهلي إلى ديوكير في آخر عمره بأمر السلطان محمد بن غياث الدين،
وتوفي بها إلى رحمة الله سبحانه في التاسع والعشرين من صفر سنة سبع وثلاثين وسبعمائة
فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
علاء الدين البهمني
الملك المؤيد علاء الدين حسن بن علي البهمني السلطان الصالح كان من أمراء المئين في أيام
محمد شاه تغلق، أقطعه السلطان المذكور قرية كونجي وعدة قرى من راي باغ من أرض
دكن، فلما أكثر محمد شاه المذكور الفتك والأسر بأمراء المئين في أرض كجرات خرج
أكثرهم إلى بلاد دكن، واجتمعوا بأمرائها فاستقدمهم محمد شاه إلى مدينة دهلي، فظنوا أنه
يقتلهم على جري العادة فاجتمعوا في بعض حدود الملك وقبضوا على دولت آباد ثم اتفقوا
على إسماعيل الفتح الأفغاني وولوه عليهم، فجمع إسماعيل العساكر وأقطعهم بلاداً في أرض
دكن وأقطع الحسن هكري وراي باغ ومرح وكلهر وكلبر كه فاستقل بها، ولما سمع محمد
شاه أن الأمراء بغوا عليه سار إليهم بعساكره العظيمة، فلقيه إسماعيل بعساكره وقاتله ثم
تحصن بدولت آباد، واحتمى الحسن بعساكره بكلبركه ثم خرج منها وسار إلى دولت آباد
بعشرين ألف فارس وقاتل العساكر الشاهانية وظفر عليهم، فاتفق الناس عليه وألقى
إسماعيل فتح شاه زمام الحكومة بيده فاستقل بالملك.
وكان عادلاً كريماً صاحب عقل ودين مدبراً شجاعاً فاتكاً مقداماً، قبض على كل ما
فتحه الملوك الماضية من أرض دكن، وبعث عساكره إلى بلاد المعبر فقاتلوا أهلها وأخذوا
منهم مائتي ألف دينار وكثيراً من الجواهر الثمينة والفيلة، وهو أول ملوك الإسلام في الهند
استخدم الهنود لا سيما البراهمة في الأمور المالية والتحرير.
مات في غرة ربيع الأول سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وكانت مدته إحدى عشرة سنة
وشهرين، كما في تاريخ فرشته.
جلال الدين الحسين بن أحمد البخاري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة جلال الدين الحسين بن أحمد بن الحسين ابن علي
الحسيني البخاري الأجي أبو عبد الله.
كان مولده ليلة البراءة سنة سبع وسبعمائة بمدينة أج ونشأ بها وقرأ على القاضي بهاء
الدين الأجي من البداية إلى الهداية، ولما توفي القاضي إلى رحمة الله سبحانه سافر إلى
ملتان، فلقي بها الشيخ ركن الدين أبا الفتح الملتاني، فأمره الشيخ أن يقرأ على موسى
حفيده وعلى مجد الدين الملتاني، فقرأ عليهما سائر الكتب الدرسية في سنة كاملة، ثم عاد
إلى أج ورحل إلى الحرمين الشريفين وصحب الشيخ عفيف الدين عبد الله المطري بالمدينة
المنورة سنتين كاملتين وقرأ عليه العوارف.
ثم سافر إلى مصر والعراق وأدرك المشايخ الكبار وأخذ عنهم ولبس الخرق منهم، وحج
وزار غير مرة، وأول خرقة ألبسها خرقة أبيه الشيخ كبير الدين أحمد بن الحسين الأجي
وعمه الشيخ صدر الدين