للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكرامات، توفي سنة ثلاثين وسبعمائة، كما في مهر جهانتاب

ودهار بلدة كبيرة من بلاد مالوه، والسيد الوالد في مهر جهانتاب ضبطه بدهاراسيون وهي

بلدة من بلاد دكن، والشيخ في أخبار الأخيار ضبطه بدهار وقال: إن قبره بظهر آباد،

والصواب هو الأول لأن قبره بدهاراسيون مشهور، يزار ويتبرك به.

الشيخ شهاب الدين الجامي

الشيخ الصالح شهاب الدين بن شيخ الجام الخراساني، كان من كبار المشايخ الصلحاء

الفضلاء، يواصل أربعة عشر يوماً، وكان قطب الدين مبارك شاه وغياث الدين تغلق

السلطانان يعظمانه ويزورانه ويتبركان به، فلما ولي محمد شاه أراد أن يستخدم الشيخ في

بعض خدمته، فإن عادته كانت أن يستخدم الفقهاء والمشايخ والصلحاء محتجاً أن الصدر

الأول رضي الله عنهم لم يكونوا يستعملون إلا أهل العلم والصلاح، فامتنع شهاب الدين من

العمل، وشافهه السلطان في مجلسه العام فأظهر الإباء والامتناع، فغضب السلطان من ذل

وأمر الشيخ ضياء الدين السمناني أن ينتف لحيته، فأبى ضياء الدين، فأمر بنتف لحية كل

واحد منهما فنتفت، ونفى ضياء الدين إلى بلاد تلنك، ثم ولاه بعد مدة قضاء ورنكل فمات

بها، ونفى شهاب الدين إلى دولت آباد، فأقام بها سبعة أعوام، ثم بعث إليه فأكرمه وعظمه

وجعله على ديوان وهو ديوان بقايا العمال يستخرجها منهم بالضرب والتنكيل، ثم زاد في

تعظيمه وأمر الأمراء أن يأتوا للسلام عليه ويمتثلوا أوامره، ولم يكن أحد في دار السلطان

فوقه.

ولما انتقل السلطان إلى السكنى على نهر كنك وبنى هنالك القصر المعروف بسركك

دواره معناه شيبه الجنة وأمر الناس بالبناء هنالك طلب منه الشيخ شهاب الدن أن يأذن له

في الإقامة بحضرة دهلي، فأذن له أن يسكن بأرض موات على مسافة ستة أميال من

دهلي، فحفر بها كهفاً كبيراً صنع في جوفه البيوت والمخازن والفرن والحمام وجلب الماء

من نهر جمن، وعمر تلك الأرض وجمع مالاً كثيراً من مستغلها، لأنها كانت السنون قاحطة،

وأقام هناك عامين ونصف عام مدة مغيب السلطان، وكان عبيده يخدمون تلك الأرض

نهاراً ويدخلون الغار ليلاً ويسدونه على أنفسهم وأنعامهم خوفاً من سراق الكفار، لأنهم في

جبل منيع هناك، ولما عاد السلطان إلى حضرته استقبله الشيخ ولقيه على سبعة أميال

منها، فعظمه السلطان وعانقه عند لقائه وعاد إلى غاره، ثم بعث إليه بعد أيام، فامتنع من

إتيانه، فبعث إليه مخلص الملك الندرباري فتلطف له في القول وحذره بطش السلطان، فقال:

لا أخدم ظالماً أبداً، فعاد مخلص الملك إلى السلطان فأخبره بذلك، فأمر أن يأتي به فأتى به

فقال له: أنت القائل: إني ظالم، فقال: نعم، أنت ظالم، ومن ظلمك كذا وكذا- وعدد أموراً

منها تخريبه لمدينة دهلي، وإخراجه أهلها، فأخذ السلطان سيفه ودفعه للقاضي كمال

الدين وقال: إن ثبت هذا أني ظالم فاضرب عنقي بهذا السيف، فقال له الشهاب: ومن يريد

أن يشهد بذلك فيقتل؟ ولكن أنت تعرف ظلم نفسك، فأمر بتسليمه للملك فكب له رأس

الدويدارية فقيده بأربعة قيود وغل يديه، وأقام كذلك أربعة عشر يوماً مواصلاً لا يأكل ولا

يشرب، وفي كل يوم منها يؤتى به إلى المشورة ويجمع الفقهاء والمشايخ ويقولون: إرجع عن

قولك، فيقول: لا أرجع عنه، وأريد أن أكون في زمرة الشهداء، فلما كان اليوم الرابع عشر

بعث إليه السلطان بطعام فأبى أن يأكل وقال: قد رفع رزقي من الأرض، فأمر أن يطعم

خمسة أسيار من العذرة، فأخذ ذلك الموكلون بمثل هذه الأمور وهم طائفة من كفار الهنود،

فمدوه على ظهره وفتحوا فمه بالكلبتين، وحلوا العذرة بالماء وسقوه ذلك، وفي اليوم بعده

أتى به إلى دار القاضي وجمع الفقهاء والمشايخ ووجوه العزة، فوعظوه وطلبوا منه أن يرجع

عن قوله، فأبى ذلك فضرب عنقه، انتهى ما في كتاب الرحلة لابن بطوطة.

وكانت وفاته على ما أظن في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.

مولانا شهاب الدين الدهلوي

الشيخ العالم الصالح شهاب الدين الخليلي

<<  <  ج: ص:  >  >>