للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألف، وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته، ثم لازم

المولوي عنايت حسين الديوي وقرأ عليه أكثر الكتب الدرسية ولم يساعده الزمان أن يقرأ عليه فاتحة

الفراغ، فاضطر إلى الاسترزاق، وقبل خدمة محقرة في ديوان الخراج بعشر ربيات شهرية، فأقام

على تلك الخدمة مدة، حتى ناب عن محصل الخراج في بلدته، ثم صار محصل الخراج، وناب الحكم

في متصرفية مرزا بور سنة أربع وثمانين ومائتين وألف، فاستقل به زماناً وظهرت كفايته وجده

واجتهاده أيام المجاعة العامة، فخلعت عليه الحكومة الهندية، ودخل في مباراة المقالات والأجوبة على

سؤال السيد أحمد خان أسباب انحطاط المسلمين التعليمي، وقلة استفادتهم من المدارس الرسمية،

وبرز في هذه المباراة، ونال المكافأة الأولى، وهي خمسمائة ربية، وتوطدت بينه وبين السيد أحمد

خان الصلات العلمية الفكرية، وأعجب بشخصيته وأفكاره وساعده بالكتابة والتحرير والذب والدفاع.

ثم استقدمه الوزير الكبير شجاع الدولة مختار الملك إلى حيدر آباد، فسافر إليها سنة إحدى وتسعين،

وولي الخدمات الجليلة حتى صار معتمداً للوزير، صارت شهريته ألفين وثمان مائة من النقود

الآصفية، ولقب منير نواز جنك محسن الدولة محسن الملك وقام باصلاحات مفيدة، وقدم اقتراحات

ومشوعات، ظهرت فيها سعة إطلاعه وحصافة رأيه، وأقر لها بالفضل، وسافر حوالي سنة خمس

وثلاثمائة وألف إلى لندن عاصمة الجزائر البريطانية للدفاع عن حكومة حيدر آباد في قضية اتفاق

مع بعض الشركات الأجنبية وأقام مدة، زار في خلالها المراكز التعليمية والمشاريع العمرانية، ولم

يزل يترقى درجة بعد درجة في المنصب، وثار عليه الحساد حتى اتهموه بالارتشاء والإرشاء، فأمر

بجلائه من حيدر آباد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وألف، ووظف له ثمانمائة من النقود الآصفية،

فدخل بمبىء واختار الإقامة بها، وكان يتردد إلى عليكده ويقيم بها زماناً، حتى توفى الرجل الكبير

السيد أحمد بن محمد المتقي الدهلوي زعيم حركة التعليم الحديث بالهند سنة خمس عشرة وثلاثمائة

وألف، فاتفق الناس عليه فقام مقامه، وصار معتمداً للمؤتمر التعليمي الإسلامي والمدرسة الكلية بها،

واستقل بهما إلى وفاته، وتقدمت في عهده الكلية الإسلامية تقدماً كبيراً، وتوسعت في ماليتها وعدد

طلبتها وفي شهرتها، وكان موقفه موفقاً سلمياً ليناً إزاء الأساتذة الإنكليز والحكام بخلاف زميله

المولوي مشتاق حسين الذي خلفه من بعد، وثارت مشاكل في إدارة الكلية، واستهدفت شخصيته للنقد

واللوم أحياناً، وحصل إضراب من الطلبة، ونزاع بينهم وبين الأساتذة، هذا مع اعتراف الجميع

بنبوغه وكبر نفسه، وكثرة مواهبه وإخلاصه للكلية، وقاد المسلمين سياسياً مدة بقائه في مركزه،

وكانت سياسته سلمية هادئة، يراعى فيها تخلف المسلمين في مجال التعليم والسياسة، وتوهم الحكام

الإنكليز منهم، وأثر كل ذلك في صحته وأعصابه، حتى وهنت قواه، واعتلت صحته، وهو عاكف

على خدمة الكلية، وتوسيع نطاقها، ورفع شأنها ونشر التعليم في المسلمين، وخدمة القضايا الإسلامية،

ينتقل من مكان إلى مكان ويتحمل الأسفار، ويحضر المحافل والحفلات، ويكتب ويخطب.

كان النواب مهدي علي خان من نوابغ العصر ذكاء، وقوة شخصية، وحضور بديهة، وحسن خطابة،

وتأثير في عقول الناس، وكان كاتباً مترسلاً، له قلم سيال وأسلوب قوي، وكان حليماً جواداً، كثير

المؤاساة والبر بالأشراف والفقراء وأهل الحاجة وكان رقيقاً دمث الخلق وسيما حسن الملبس والمآكل

مؤلفاً بارعاً، ولد ونشأ في أسرة شيعية، ورجح عقيدة أهل السنة بدرايته وتحقيقه، وألف كتاباً في الرد

على عقائد الشيعة سماه آيات بينات وهو كتاب عظيم، ولكنه لم يكمل.

مات لتسع خلون من رمضان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وألف في شمله، ونقلوا جسده إلى

عليكده، ودفنوه بها بجوار السيد أحمد خان.

القاضي مير أحمد البشاوري

الشيخ الفاضل مير أحمد بن القاضي صاحبزاده بن محيي الدين بن عبد الله ابن عبد الرحمن العلوي

البخاري ثم الهندي البشاوري أحد العلماء المشهورين، ولد ببلدة بشاور سنة سبع وسبعين ومائتين

وألف، وقرأ المختصرات في بلاده، ثم سافر إلى خراسان

<<  <  ج: ص:  >  >>