التلخيص وسمع من الفخر ابن
البخاري، روى عنه شيخنا الذهبي، ومن تصانيفه في علم الكلام الزبدة وفي أصول الفقه
النهاية والفائق والرسالة السبعية وكل مصنفاته حسنة جامعة لا سيما النهاية مولده ببلاد
الهند سنة أربع وأربعين وستمائة، ورحل إلى اليمن سنة سبع وستين، ثم حج وقدم إلى
مصر، ثم سار إلى الروم واجتمع بسراج الدين، ثم قدم دمشق سنة خمس وثمانين
واستوطنها ودرس بالأتابكية والظاهرية الجوانية وشغل الناس بالعلم، توفي بدمشق سنة
خمس عشرة وسبعمائة، وكان خطه في غاية الرداءة، وكان رجلاً ظريفاً ساذجاً فيحكى أنه
قال: وجدت في سوق الكتب مرة كتاباً بخط ظننته أقبح من خطي فغاليت في ثمنه
واشتريته لأحتج به على من يدعي أن خطي أقبح الخطوط، فلما عدت إلى بيتي وجدته
بخطي القديم، ولما وقع من ابن تيمية في المسألة الحموية ما وقع وعقد له المجلس بدار
السعادة بين يدي الأمير تنكز وجمع العلماء أشاروا بأن الشيخ الهندي يحضر، فحضر وكان
الهندي طويل النفس في التقرير، إذا شرع في وجه يقرره لا يدع شبهة ولا اعتراضاً إلا أشار
إليه في التقرير بحيث لا يتم التقرير إلا وقد بعد على المعترض مقاومته، فلما شرع يقرر أخذ
ابن تيمية يعجل عليه على عادته وقد يخرج من شيء إلى شيء، فقال له الهندي: ما أراك
يا ابن تيمية إلا كالعصفور حيث أردت أن اقبضه من مكان فر إلى مكان آخر، وكان
الأمير تنكز يعظم الهندي ويعتقده وكان الهندي شيخ الحاضرين كلهم، صدر عن رأيه
وحبس ابن تيمية بسبب تلك المسألة، وهي التي تضمنت قوله بالجهة، ونودي عليه في
البلاد وعلى أصحابه وعزلوا عن وظائفهم، انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: إنه ولد بالهند في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين
وستمائة، وأخذ عن جده لأمه، وخرج من بلدة دهلي في رجب سنة سبع وستين، وقدم
اليمن فأكرمه المظفر وأعطاه تسعمائة دينار، ثم حج فأقام بمكة ثلاثة أشهر ورأى بها ابن
سبعين وسمع كلامه ثم دخل القاهرة، ثم في سنة إحدى وثمانين دخل البلاد الرومية فأقام
بقونية وسيواس وغيرهما، واجتمع بالسراج الأرموي وخدمه وخرج منها سنة خمس
وثمانين، وقدم دمشق فاستوطنها وسمع من الفخر ابن البخاري، وعقد حلقة الإشتغال
بالجامع، ودرس بالرواحية والدولقية والأتابكية وغيرها، وكتب على الفتاوي مع الخير
والدين والبر للفقراء، وصنف في أصول الدين الفائق وفي أصول الفقه النهاية ولما عقد بعض
المجالس لابن تيمية عين الصفي الهندي لمناظرته فقال لابن تيمية في أثناء البحث: أنت مثل
العصفور ينط من هنا إلى هنا، وكان خطه ضعيفاً وحشياً إلى الغاية، والكمال لله، وقال
إنه كان لا يحفظ من القرآن إلا ربعه حتى قيل إنه قرأ المص بفتح الميم وتشديد الصاد، ويقال
إنه كان له ورد من الليل، فإذا استيقظ توضأ ولبس أفخر ثيابه حتى الخف والمهماز ويقوم
يصلي بتلك الهيئة وكانت في لسانه عجمة الهنود باقية إلى أن مات، قال: وكان فيه دين
وتعبد، وله أوراد، وكان حسن الاعتقاد على مذهب السلف، توفي في آخر صفر سنة
خمس عشرة وسبعمائة، انتهى.
وقال الشوكاني في البدر الطالع: ولما عقد بعض المجالس لابن تيمية عين صاحب الترجمة
لمناظرته، فقال لابن تيمية في أثناء البحث: أنت مثل العصفور تزط من هنا إلى هنا، ولعله
قال لما رأى من كثرة فنون ابن تيمية وسعة دائرته في العلوم الاسلامية والرجل ليس بكفء
لمناظرة ذلك إلا في فنونه التي يعرفها وقد كان عرياً من سواها، ولهذا قيل إنه ما كان يحفظ
من القرآن إلا ربعه، حتى نقل عنه أنه قرأ المص، بفتح الميم وتشديد الصاد، انتهى.
وكانت وفاته في آخر صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة، كما في الدرر الكامنة.
الشيخ محمد بن كمال الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل محمد بن كمال بن علي بن أبي بكر الهندي الدهلوي شمس الدين الحنفي،
قال الفاسي في العقد: هكذا وجدته منسوباً بخط شيخنا ابن سكر، ووجدت بخطه أيضاً
أنه سمع من شيختنا أم الحسن فاطمة، وكان أحد الطلبة يدرس بليغاً كذا