السلطان الصالح، قام بالملك في حياة صنوه
فيروز شاه سنة خمس وعشرين وثمانمائة بأرض الدكن، وافتتح أمره بالعدل والسخاء، وبايع
الشيخ محمد بن يوسف الحسيني، نزيل كلبركه ودفينها، وبنى له القصور العالية والدور
والمساكن لأصحابه ووقف لهم الأرض الخراجية، وغزا الكفار غير مرة وأخذ منهم الجزية،
وأسس المساجد والخوانق في بلاده.
وكان عادلاً باذلاً كريماً شجاعاً مقداماً محظوظاً جداً حتى كان لا يقصد باباً إلا انفتح، ولا
يقدم على أمر مهم إلا اتضح، ولا يتوجه إلى مطلب إلا نجح، وقد دانت له البلاد وخضع له
العباد.
ومن مآثره مدينة كبيرة في حدود بيدر من أرض الدكن، مصرها في حدود سنة اثنتين
وثلاثين وثمانمائة، وسماها أحمد آباد وجعلها عاصمة بلاده وبنى فيها قصوراً عالية، وفي
ذلك قال الآذري الإسفرائيني المتوفي سنة ٨٦٦هـ:
حبذا قصر مشيد كه زفرط عظمت آسمان شده أز بايه اين دركاه است
آسمان هم نتوان كفت كه ترك أدبست قصر سلطان جهان أحمد بهمني شاه است
مات في الثامن والعشرين من رجب سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، وكانت مدته اثنتي عشرة
سنة وشهرين، كما في تاريخ فرشته.
الشيخ أحمد بن عمر الردولوي
الشيخ الإمام العابد الزاهد صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية أحمد ابن عمر بن
داود العدوي العمري الشيخ عبد الحق الردولوي الولي المشهور، لم يكن في زمانه مثله في
الزهد والعبادة.
ولد ونشأ بردولي بضم الراء والدال المهملتين قرية جامعة بأرض أوده، وسافر إلى دهلي
عند أخيه الشيخ تقي الدين وكان من كبار العلماء فأقام عنده مدة، ولم يبلغ درجة العلم
لميلانه إلى الزهد والمجاهدة، فذهب إلى باني بت ولقي بها الشيخ جلال الدين محمود
الكاذروني فصحبه وأخذ عنه الطريقة واشتغل بالرياضة مدة من الزمان حتى فتح الله
سبحانه عليه أبواب الحقائق والمعارف وجعله من العلماء الراسخين، وتولى الشياخة بعده
واستقام عليها خمسين سنة مع الزهد والقناعة، أخذ عنه خلق كثير.
ومات في الخامس عشر من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين وثمانمائة بردولي فدفن بها،
وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
الشيخ أحمد بن محمد التهانيسري
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد التهانيسري المشهور من أدباء الهند المفلقين وفضلائها
البارعين، كانت له يد بيضاء في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وقرأ
على القاضي عبد المقتدر بن ركن الدين الشريحي الكندي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ
نصير الدين محمود الأودي وصحبه مدة من الزمان وخرج من دهلي في فتنة الأمير تيمور
سنة إحدى وثمانمائة، وكان الأمير يريد أن يستصحبه إلى سمرقند فأبى وخرج إلى كالبي
وسكن بها، وله قصيدة بديعة في مدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منها قوله:
أطار بي حنين الطائر الغرد وهاج لوعة قلبي التائه الكمد
وأذكرتني عهوداً بالحمى سلفت حمامة صدحت من لاعج الكبد
باتت تؤرقني والقوم قد هجعوا من بين مضطجع منهم ومستند
ما زار طرفي غمض بعد بعدكم ولا خيال سرور دار في خلدي
ليت الهوى لم يكن بيني وبينكم وليت حبل وداد غير منعقد
كانت مواسم أيام وغرتها ولت سراعاً على رغم ولم تعد
عشنا بها وعيون البين راقدة والقلب في جذل والدهر في رقد