وافى ديار الهند يا لك وافداً ووصوله وقدومه لي جابر
قال الشيخ عبد القادر: وهو مات مسموماً بمدينة لاهور، وسبب ذلك أن الشيخ عبد اللطيف كان
أطلعه على ما عنده من الكتب، فاتفق أن مات الشيخ عبد اللطيف، وجاء الشيخ فيضي بالحجابة من
السلطان أكبر إلى الدكن، ومر على برهانبور في الرجوع، فأرسل إليه السلطان راجه على خان
بهدايا، فقال له: ما أريد منك إلا أن تعطيني الكتاب الفلاني الذي صار إليك من تركة عبد اللطيف،
فلم يسع السلطان إلا أن أعطاه الذي طلب على كره منه، ثم بحث عن الذي أنهى إلى الشيخ فيضي
هذا الخبر، فقيل له: الفقيه أحمد باجابر، فخشي أن الشيخ عبد اللطيف يكون أطلعه أيضاً على سر
من أسراره وأمور مملكته، وكان الفقيه متوجهاً في صحبة الشيخ فيضي إلى لاهور وازداد خوفه
بسبب ذلك أيضاً، فأرسل أربعة من غلمانه، وأصحبهم سماً قاطعاً وأمرهم أن يسايروا الرفقة حتى إذا
وجدوا فرصة أطعموا الفقيه ذلك، فسار أولئك النفر مع الركب حتى لما وصلوا إلى قريب لاهور
دسوا له ذلك السم في طعام، فقطع كبده ومكث يصب أياماً دماً ومات، رحمه الله!
قال: وقد رثاه صاحبنا الشيخ الشهاب أحمد بن علي البسكري والقصيدة زهاء مائة بيت أولها:
زم المطي لحمله يا ساري عن أن تسير بأسوء الأخبار
وقال فيها
حق البكاء على الذي حاز العلى سهر الليالي والنجوم سواري
أعنى الشهاب الجابري فإنه قد كان خلا خالصاً محتاري
قال: ورثاه الشيخ محمد بن عبد اللطيف الجامي الشهير بمخدوم زاده:
مات الشهاب وكل حي هالك لم يبق إلا الواحد القهار
فالله يرحمه ويجبر كسره فهو الرحيم المالك الغفار
قال الشيخ الإمام جمال الدين محمد بن عبد اللطيف: هذه قصيدة قالها في قدوم الفقيه أحمد باجابر
إلى الهند وهي:
ما جال في خلدي ولا في خاطري أني أفوز بوصل ذاك الجابري
كلا ولا ظنيت أني في الكرى أحظو بوصل من حبيب هاجري
أترى يقيناً أن طيف خياله آوى إلى طرفي القريح الساهر
إلى آخرها، قال: وقد رثيته ومنها:
سلام الله عوداً بعد بدء على قبر ثوى فيه الشهاب
لقد جلت مصيبته لدينا وصار القلب منها في التهاب
توفي غير مذموم وأبقى لقلبي حسرة حتى المآب
قال الشيخ عبد القادر: فكان اختيار الله تعالى بمقتضى حسن نيته أن مات قبل أن يفتح الله علينا
بشيء من الدنيا، تأسفت بموته جداً، وكنت كلما ذكرته استثار مني الحزن وانبعث الأسى والندم،
حتى كان مصابي باعتبار ذلك جديداً في كل آن، ثم كنت كثير الترحم عليه والدعاء له، صنفت في
أخباره وماجرياته كتاباً سميته صدق الوفاء بحق الإخاء وكانت وفاته ليلة الأربعاء الرابع عشر من
شوال سنة إحدى بعد الألف بمدينة لاهور.
الشيخ أحمد بن محمد الجوهري
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن علي الجوهري المكي ثم الهندي الأديب الشاعر البارع، ذكره السيد
علي معصوم الدشتكي الشيرازي في سلافة العصر وقال إنه ولد بمكة ونشأ بها، وترعرع ورحل إلى
الهند في عنفوان عمره وابتداء