وسبعين وتسعمائة بأكبر آباد من بطن بنت
الراجه بهازامل، وتولي المملكة بعد والده يوم الخميس لأربع عشرة خلون من جمادي الآخرة سنة
أربع عشرة وألف، وكان اسمه سليم سماه به والده على اسم الشيخ سليم بن بهاء الدين السيكروي،
لأن الشيخ بشر به والده قبل ولادته ودعا له، فلما استقل بالملك لقب نفسه نور الدين محمد جهانكير،
وافتتح أمره بالعدل والسخاء وقرب إليه العلماء، وكان صحيح العقيدة خلافاً لوالده، وهو سمع الحديث
من الشيخ محمد سعيد الهروي المشهور بمير كلان، وقرأ عليه شيئاً من العلم بأمر والده، وسمع أيضاً
من المفتي صدر جهان البهانوي.
وكان مدمن الخمر، تزوج بمهر النساء بنت غياث الدين الطهراني وكانت عشيقته، فخطبها بعد ما
قتل بعلها شيرافكن خان فأبت ثم رضيت، فتزوج بها ولقبها نور جهان بيكم، فحببت إليه وملكت
فؤاده حتى ألقى زمام السلطنة بيدها، فدبرت لختنها شهريار بن جهانكير من زوجه الأخرى ليوليه
الملك، ورغبت زوجها جهانكير عن ابنه شاهجهان الذي دبر الملك لولايته بالملك بعده، فوقع الخلاف
بينهما وآل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطاً عنه.
وكان جهانكير رحيماً حليماً كريماً شاعراً لطيف الطبع حسن المعاشرة ظريف المحاضرة حسن
الصورة سليم الذهن باهر الذكاء فصيح العبارة، له يد بيضاء في التحرير والتحبير، صنف كتاباً في
أخباره وسماه تزك جهانكيري وهو مقبول متداول في أيدي الناس، وصنف في أخباره معتمد خان
كتابه إقبال نامه ومرزا كامكار الملقب بعزت خان كتابه مآثر جهانكيري، ومن مصنفات جهانكير
بندنامه بالفارسية في أوراق عديدة صنفه لأبنائه، وأمر الشيخ محمد ابن الجلال الحسيني الكجراتي
أن يترجم القرآن الكريم بالفارسية ولا يباشر فيه التصنع ولا يزيد على الترجمة اللفظية حرفاً من
جانبه.
ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
از من متاب رخ كه نيم تو يكنفس يكدل شكستن تو بصد خون برابر است
وله:
جام مي را بر رخ كلزار مي بايد كشيد ابر بسيار است مي بسيار مي بايد كشيد
وله:
ما نامه ببركك كل نوشتيم شايد كه صبا باو رساند
توفي لثلاث بقين من صفر سنة ست وثلاثين وألف، وكانت مدته إحدى وعشرين سنة وثمانية أشهر
وثلاثة عشر يوماً.
مرزا جين قليج خان اللاهوري
الأمير الفاضل جين قليج خان بن قليج محمد الاندجاني اللاهوري مرزا جين قليج خان بهادر، كان
من الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ
مصطفى الجونبوري، وتفنن عليه بالفضائل وبرع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولي
على بنارس وجونبور، فاستقل بها مدة من الزمان.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً شجاعاً حسن الأخلاق محمود السيرة، وكان له أخ يسمونه مرزا اللاهوري
وكان مجبولاً على الشرور والفتن، فلما مات والده قليج محمد خان لحق بأخيه، وبعد زمان يسير مد
يده إلى الجبايات السلطانية وبغى، فسير إليه جهانكير بن أكبر شاه السلطان عساكره، وقتل في
المعركة صنوه جين قليج خان المترجم له أيضاً، كما في مآثر الأمراء قتل في سنة أربع وعشرين
وألف أو مما يقرب ذلك.
جانان بيكم
بنت الأمير الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان خانخانان المشهور، ولدت ونشأت في مهد الإمارة،
وبلغت من العلم والكمال رتبة لم تصل إليها الرجال فضلاً عن النساء، زوجها السلطان جلال الدين
أكبر بن همايون الكوركاني بولده دانيال ووجهه إلى أرض كجرات فمات بها، فعاشت بعد ذلك مدة