للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيف الدين البخاري الدهلوي حيث قال في مقدمة شرح السفر قولاً يشير إلى ترك الحديث برواية

المذهب نظراً إلى المصابيح، والثانية فيما يدل من كلام الصحابة والسلف الصالحين على الاعتصام

بالسنة وحسن أدبهم فيما سمعوا الحديث وتبرئهم عند ذلك عن أقوالهم وذم الراي وما يدل على تحريم

صنع من يعمل بالرواية على خلاف الحديث، والثالثة فيما يدل من كلام المتأخرين على وجوب ترك

الرواية إذا خالفت الحديث، والرابعة في كلام بعض الأجلاء من الحنفية على إمامهم وغير الحنفية

مما يصرح بمطلب الباب، والخامسة فيما يدل من كلام الشيخ محي الدين ابن عربي في الحث على

العمل بالحديث وذم الرأي وذم الفقهاء المضيقين على الناس كثيراً مما لم تضيق، والسادسة في

الاستدلال على حرمة ترك المقلد الحديث الصحيح برواية إمامه ورأيه بمقدمات مسلمة معروفة،

والسابعة فيما إذا خالفت أقوال الأئمة الأربعة الحديث، والثامنة فيما إذا عارض الإجماع الحديث

الصحيح، والتاسعة في الفرق بين الظاهرية وبين أصحاب الظواهر، والعاشرة في بيان أن المتفق

عليه من الأحاديث هل يفيد الظن أو القطع، والحادية عشرة في إبطال قول من يدعي مساواة حديث

غير الصحيحين بحديثهما في الصحة، والثانية عشر في لزوم التأدب للامام أبي حنيفة رحمه الله

ولمذهبه والذب عنه ورد ما قيل فيه.

أما مذهبه في التقليد

فهو كما قال في الثانية عشرة من الدراسات: إن ما تقرر وثبت في كتب الحنفية وعد من مذهب

الإمام أبي حنيفة رحمه الله فهو إما أن تبين عندي أنه مذهب غيره من أصحابه أو لا يتبين ذلك إما

بالتعين أنه قوله أو باحتمال ذلك، الأول لا أبالي بتركه إذا ترجح عندي خلافه بأدنى وجه من الوجوه

حتى أن القول الثابت عن الأئمة الثلاثة يترجح عندي بمجرد ثبوته عنهم عن أقوالهم إذا لم يكن

لقولهم ما يرجحه عليه الكمال حسن الظن بالأئمة الثلاثة، والثاني بكلا شقيه التعين والاحتمال القوي

بأن الأصل في رواية كتب المذهب أن يكون من صاحبه إما أن يكون قولاً مجرداً عن سند من السنة

أو مؤيداً به والأول منهما أن يعارضه شيء من السنة أو لا يعارضه فإن عارضه أتركه وإن ثبت أنه

قول أبي حنيفة رحمه الله بلا شبهة، والمراد من قولنا شيء من السنة يعم الحديث الضعيف وأقوال

الصحابة الموقوفة عليهم بقول أبي حنيفة وإذا جاءنا شيء من الصحابة فعلى الرأس والعين وإذا كان

القول متعيناً معلوماً عن أبي حنيفة رحمه الله وخالفه قول تابعي من غير علماء الزهراوين من أهل

بيت النبوة ومن غير أهل المدينة ولم يظهر على أحد القولين ما يرجحه على الآخر فالأمر عندي

على سواء بل حسن الظن إلى الإمام في علو مناظره الدقيقة الثاقبة يحكم بتقديم قوله على غيره من

التابعين، هذا إذا عارض القول المجرد شيء من السنة وأما إذا لم يعارضه شيء منها أعمل به بكلا

قسميه المعلوم ثبوته عن أبي حنيفة والمحتمل لذلك بحسن ظني إليه بل وإلى أتباعه أيضاً أن لهم في

ذلك مستنداً من السنة، وأما الشق الثاني من هذين الشقين وهو أن يكون القول المعلوم ثبوته عند أبي

حنيفة رحمه الله أو المحتمل المحمول بالأصل على أنه قوله مؤيداً لسند من الشريعة فأما أن لا يظهر

لمن خالفه في ذلك من الأئمة دليل علينا وهو قليل الوقوع بل عديمه فلا نظر لنا إلى خلافه فنحن مع

الحديث إن شاء الله تعالى وأهله، وإما أن يظهر ذلك فلا يخلو إما أن يترجح عندي متمسك أبي حنيفة

على غيره أبو بالعكس فعلى الأول ينبغي أن يكون ذلك عند الحنفي الغالب عليه العمل بالحديث

أشهى وأحلى من العسل، وأما في العكس فأما أن يترجح كلام الغير عليه بالصنعة الحديثية أو

النظرية فالأول نرى وجوب العمل بما ترجح وترك ما خالفه فوراً في بعض وجوه الترجيحات وندب

ذلك في بعضها على تفاوت القوة والضعف فيها بناء على قوة تلك الوجوه وضعفها، ثم الأخذ بالراجح

من القسم الأول وترك المرجوح جل ما عليه عملي في الأحكام وقد كثر ذلك في الفقهيات على

اختلاف أبوابها وكثرة ذلك في علمنا بوجهين، أحدهما هو أن بناء مذهب أبي حنيفة في الأكثر على

آثار الصحابة مع وجود معارضة المرفوع بها زعما من بعض علماء المذهب أن الأثر أقوى وأثبت

لكمال معرفة القرن الأول بما هو الأمر عليه في نفس الأمر ويتحتم علينا ترك ما هذا وصفه،

وثانيهما أن عمل أهل المدينة المقدسة من أقوى حجج الدين عندنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>