للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقشبندية عن الشيخ دركاهي الرامبوري، واشتغل عليه بأذكار القوم وأشغالها مدة، وفتح الله عليه

أبواب الوجد والحالة، فجلس على مسند الإرشاد وبايعه ألوف من الرجال، ثم تحسس في نفسه شيئاً

فترك المشيخة وسافر إلى دهلي ولازم الشيخ غلام علي العلوي الدهلوي، واقتبس من أنواره وتدرج

إلى المقامات العالية، فاستخلصه الشيخ لنفسه واستخلفه على أصحابه من بعده، فنهض بأعبائها وأوفى

حقوق الطريقة استقام عليها تسع سنين.

ثم اشتاق إلى الحج والزيارة فسافر إلى الحرمين الشريفين سنة تسع وأربعين ومائتين وألف وأقام

مقامه أكبر أخلافه الشيخ أحمد سعيد وكان معه في السفر ابنه الشيخ عبد الغني، فلما وصل إلى مكة

المباركة استقبله العلماء واحتفي به الشيخ عبد الله سراج مفتي الأحناف والشيخ عمر مفتي الشافعية

والمفتي عبد الله مير غني الحنفي وعمه الشيخ ياسين الحنفي والشيخ محمد عابد السندي وغيرهم،

فاستسعد بالحج ثم توجه إلى المدينة المنورة وأقام بها أياماً، يحضر الصلوات في المسجد النبوي

الشريف، ويقضي فيه أوقاتاً ويشتغل بالصلاة والسلام على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم نزع إلى

الوطن فتوجه إلى أرضه وكان قد أصيب بالحمى في البلد الحرام وانقلعت عنه يسيراً حين نزل

بالمدينة، فلما ودعها عاوده سقامه، ولم يزل يزداد حتى إذا وصل إلى بلدة طوك مكث بها قليلاً اشتد

به الوجع، وكان دخوله بها ثاني رمضان المبارك، فاشتد المرض صبيحة عيد الفطر، ثم توفي بين

صلاتي العشى، وصلى عليه المولوي خليل الرحمن قاضي البلدة، وحضر جنازته نواب وزير الدولة

أمير تلك البلدة، ومن دونه من الأمراء، ثم نقل تابوته إلى دهلي ودفن عند تربة شيخه، وكان ذلك في

سنة خمسين ومائتين وألف، كما في اليانع الجني وغيره.

مرزا أبو طالب الأصفهاني

الأمير الفاضل أبو طالب بن محمد الأصفهاني ثم الهندي اللكهنوي أحد مشاهير الناس، انتقل والده

من بلاد الفرس إلى أرض الهند في الفترة النادرية، وتقرب إلى صفدر جنك صاحب أوده وسكن

بمدينة لكهنؤ، ولد بها أبو طالب سنة ست وستين ومائة وألف، ونشأ بها وقرأ العلم على من بها من

العلماء، ولما بلغ الرابعة عشرة من سنه سافر إلى مرشد آباد سنة ثمانين ومائة وألف وكان والده بها

فسافر إليه مع أمه، وتوفي والده بمرشد آباد، فأقام بها بعد وفاته بضع سنين ثم رجع إلى لكهنؤ في

أيام آصف الدولة سنة تسع وثمانين فولي على عمالة إتاوه بكسر الهمزة واستقل بها سنتين ثم عزل

عنها وأقام بلكهنؤ سنة، فلما ولي الإسكندر الإنكليزي على كوركهبور سافر معه إلى مستقره وأعانه

في الحكومة وصاحبه ثلاث سنوات، ولما عزل الإسكندر المذكور رجع إلى لكهنؤ واعتزل في بيته

زماناً، وأحيل على معاش قدره ستة آلاف سنوياً فتمتع بها مدة ولما رأى أن الدولة الآصفية تتأخر

عن أداء الراتب، سار إلى كلكته سنة اثنتين ومائتين وألف في أيام اللورد كارنوالس ليستعين به،

ولكنه كان كارنوالس عازماً إلى إقليم الدكن لحرب السلطان تيبو فأجلت المسألة إلى أربع سنين، فبنى

بكلكته بيتاً له وحديقة وسكن بها، ولما رجع كارنوالس إلى كلكته شفع له إلى آصف الدولة، وبعثه

إلى لكهنؤ فجاء مرة بعد أخرى إلى تلك البلدة، ونال الإلتفات من الأمير، ثم لما سافر كارنوالس إلى

أوربا وحصلت المناقشة بين الدولة الآصفية وبين مستر جيري أحد المأمورين من تلقاء الإنكليز في

بلدة لكهنؤ وعزلته الدولة الإنكليزية أمر آصف الدولة أن يخرج معه أبو طالب من بلدته فذهب إلى

كلكته سنة عشر ومائتين وألف، وسافر إلى الجزائر البريطانية مع رجاردسن غرة رمضان سنة

ثلاث عشرة ومائتين من طريق رأس الرجاء، فساح في أثناء السفر كيب وآئرليند وجزيرة ويلز

ووصل إلى لندن بعده سنة من خروجه من الهند لخمس بقين من شعبان سنة أربع عشرة ومائتين

وأقام بها سنتين وستة أشهر واحتظ بصحبة الملوك والأمراء من الرجال والنساء وتفرج بها وتغزل،

ومن شعره قوله:

حسن بتان لندني در جمن زمن كجا است ور تو بعمر ديده كوئي بروي من كجا است

فرض كنم كه شد نكو قامت وروي وموي غير نازكي وأدا ولحن جستي ورقص وفن كجا است

<<  <  ج: ص:  >  >>