حيدر علي الفيض آبادي، ثم أقبل على الشعر
إقبالاً كلياً، وأخذ عن قتيل ومصحفي وساحر والمازندراني ولازمهم مدة، ثم ولي الإنشاء بالمحكمة
العدلية بأكبر آباد، فاستقل بها زماناً، ورمى بالارتشاء، وأخذ في المحاسبة، وأطلق منها بعد جهد
بليغ، فسافر إلى حيدر آباد وتقرب إلى نواب محيي الدولة، ونال منه منزلة جسيمة ووظف له، فسافر
إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى الهند، وصرف شطراً من عمره في إنشاء الشعر
الفارسي في مدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنشاده بالتغني في محافل المولد، وله ديوان الشعر
الفارسي وديوان الشعر الهندي ورسالة في قصة المولد.
توفي لأربع عشرة خلون من شوال سنة ست وتسعين ومائتين وألف بمدينة إله آباد، كما في رياض
عثماني.
مولانا غلام إمام الحيدر آبادي
الشيخ الفاضل غلام إمام بن متهور بن مكارم بن غلام محمد الأفغاني الحيدر آبادي أحد العلماء
المبرزين في التاريخ والشعر والفنون الرياضية، ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف بحيدر آباد
ونشأ بها، وتعلم الخط والفروسية والفنون الحربية، ثم تقرب إلى الأمراء للاسترزاق بالفنون الحربية
فرغبوه في العلم، فشرع في ميزان الصرف سنة ثلاث وأربعين وقرأ العربية على أساتذة بلدته، ثم
أقبل على الفنون الرياضية، وقرأ القوشجية وشرح الجغميني ومفتاح الأفلاك وشمس الهندسة والستة
الشمسية وغيرها، وأقبل على الشعر والتاريخ، فبرع وفاق أقرانه، وصنف رشيد الدين خاني كتاباً في
التاريخ وجمع ديوان الشعر له، ومدح الأمراء ونال منهم الصلات والجوائز، ثم أقبل على العلم وقرأ
بعض الكتب الدرسية في المنطق والحكمة، ثم أقبل على التصوف، وقرأ اللوائح وجام جهان نما
والفصوص لابن عربي، وصحب الشيخ غلام على أحد المشايخ المشهورين بحيدر آباد، وأخذ
الطريقة عنه، ثم قرأ سائر الكتب الدرسية في المنطق والفقه والأصول والكلام والحكمة والتفسير
والحديث، وفرغ من تحصيل العلوم المتعارفة في كبر سنه وقصر همته على الدرس، والإفادة
ومن مصنفاته غير ما ذكرناه: خورشيد جاهي كتاب بسيط في التاريخ، صنفه سنة ثلاث وثمانين،
وله محيي الصلاة وترجمة الكيداني في الفقه الحنفي، وأحسن التركيب وخورشيد دانش في الحكمة،
ومائة رسائل إلى أحبابه في الإنشاء، وكشف الغوامض في اللغز، ورسالة في الهيئة فيما يتعلق
بذوات الأذناب، ومطالع خورشيد في المنطق وتيغ هندي في مصطلحات اللغة الهندية، وخورشيد
الحساب في الجبر والمقابلة، وله مزدوجة وديوان شعر.
مات لثمان عشرة خلون من شوال سنة خمس وثمانين ومائتين وألف بحيدر آباد، كما في ذيل تاريخ
خورشيد جاهي لولده.
مولانا غلام جيلاني الرامبوري
الشيخ الفاضل العلامة غلام جيلاني بن أحمد الشريف البغدادي ثم الهندي الرامبوري أحد العلماء
المشهورين، ولد ببلدة بيلي بهيت وانتقل منها بعد ما توفي حافظ الملك إلى رامبور وقرأ العلم على
ملا حسن بن غلام مصطفى اللكهنوي وعلى بحر العلوم عبد العلي بن نظام الدين السهالوي، ثم سافر
إلى دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي، كما في يادكار إنتخاب.
وإني سمعت من الشيخ محمد بن الحسن الرامبوري المحدث أنه أسند الحديث عن الشيخ سلام الله
بن شيخ الإسلام الدهلوي، لعله قرأ عليه أولاً ببلدة رامبور ثم ذهب إلى دهلي وأخذ عن الشيخ عبد
العزيز المذكور، والله أعلم.
وكان كثير الدرس والإفادة، قرأ عليه المفتي شرف الدين والقاضي خليل الرحمن ومولانا حيدر علي
ومولانا محمد علي وخلق كثير من العلماء.
وبايع السيد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد لما زار رامبور واستفاد منه، وكان مع جلالته وسنه
وكثرة تلاميذه، يجري مع راحلة السيد عند رجوعه، فإذا منعه من ذلك وقف يبكي ويقول: لو كانت
أيام الشباب لجريت هكذا، ذكره الأمير وزير الدولة في كتاب وصايا الوزير.