يرى البعض أن حالة التشريع العام لم تحدث إلا في الأزمان المتأخرة، ويبني على هذا أنه: لا يصح التمسك في عدم التكفير بأنه (لا يوجد دليل مكفر)، وأن (المتقدمين من أهل العلم لم يكفروا بهذه الحالة)، وفي هذا الرأي خطأ لأمرين:
١. يلزم منه ألاّ يستدل على التكفير بهذه الحالة بشيء، وهذا ما لا يقول به؛ فقد استدل بقصة التحميم، وتقدم (ص ٣٤) الجواب عن هذا الاستدلال، وأن مناط (= سبب = علة) التكفير في هذه القصة ليست التشريع العام.
٢. أن حالة التشريع العام قد وقعت قبل قرون، ولم يُفت أحد من أهل العلم بالتكفير بها، ومن أمثلة ذلك: الضرائب التي ابتليت بها كثير من بلاد المسلمين منذ عصور، ومن المعلوم أن واضعها يلزِم بها ويعاقب على تركها، مع أنها محرمة، بل من صور الحكم بغير ما أنزل الله، ولو كان هذا الفعل مكفراً؛ لقال به أهل العلم، ولقرروا أن التشريع العام كفر، ولما سكتوا عن بيانه مع معاصرتهم له.