للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ - كيفية معرفة ضبط الراوي:

يعرف ضبط الراوي بسبر أحاديثه وعرضها على أحاديث غيره من الرواة لتعرف مدى الموافقة والمخالفة لهم، وقد لخص الإمام ابن الصلاح - رحمه الله - هذه الطريقة معتمداً في ذلك على صنيع الأئمة وصريح أقوالهم. فنذكر قوله. ثم نتبعه بأقوال أئمة النقد.

قال - رحمه الله -: " يعرف كون الراوي ضابطاً بأن نعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة لهم ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطاً ثبتاً، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلاف ضبطه ولم يحتج بحديثه " (١) .

وهذا الذي ذكره ابن الصلاح قد صرح به الأئمة وعلموا به.

قال الإمام الشافعي مشيراً إلى شروط الراوي الذي تقوم به الحجة: " إذا شارك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم " (٢) .

وقال الإمام أيوب السختياني (ت ١٣١هـ) من صغار التابعين: " إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره " (٣) .

وقال ابن المبارك: " إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضها ببعض " (٤) .

وقد صرح بهذا الإمام مسلم في صحيحه، فقال: " وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل


(١) المصدر نفسه ص١٠٨.
(٢) محمد بن إدريس الشافعي: الرسالة - تحقيق أحمد شاكر - مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة - ط١ سنة ١٣٥٨هـ، ص١٥٣.
(٣) رواه الدارمي في سننه: ج١ ص١٥٣.
(٤) الخطيب البغدادي: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع - تحقيق د. محمد رأفت سعيد - مكتبة الفلاح - الكويت سنة ١٤٠١هـ، ج٢ ص٣٥٤.

<<  <   >  >>