للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، والأقرب أن يكون مع جمهور المحدثين في عدم قبولها - والله تعالى أعلم -.

[المسألة الثانية]

التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق. هذا الصنف من الرواة قبل المحدثون رواياتهم إلا خلافاً لبعض الأصوليين كالسمعاني والصيرفي (١) . ولا عبرة بهذا الخلاف لأن المعتبر هو إجماع أهل الفن وهم هنا المحدثون ولم ينقل عنهم خلاف في ذلك. وأما ما قاله الحافظ البلقيني: " وما نقل عن الصيرفي يقرب منه ما قال ابن حزم: من أسقطنا حديثه لم نعد لقبوله أبداً، ومن احتججنا به لم نسقط روايته أبداً، وكذا ما قاله بن حبان في آخرين ".

في الواقع أن ما ذهب إليه ابن حزم لا علاقة له البتة بما يراه الصيرفي فابن حزم ذكر هذا بصدد الرد على من يقبل روايات الضعفاء في الرقاق والفضائل ويتجنبها في الأحكام والحلال والحرام، كما هو مذهب كثير من أئمة الحديث، فهو يرى أن الراوي إما أن يكون من العدالة والضبط بحيث تقبل أحاديثه جملة، أو ينزل عن درجة القبول فترد أحاديثه جملة.

خامساً: السلامة من خوارم المروءة:

عرفت المروءة بتعاريف كثيرة، جلها يرجع إلى العادات الجارية بين الناس. فقال بعضهم: "المروءة كمال المرء كما أن الرجولة كمال الرجل ".

وقال بعضهم: " المروءة هي قوة للنفس تصدر عنها الأفعال الجميلة المستحقة للمدح شرعاً وعقلاً وعرفاً ".

وقال آخرون: " المروءة صون النفس عن الأدناس، ورفعها عما يشين عند الناس " وقيل: "سيرة المرء بسيرة أمثاله في زمانه ".


(١) انظر ابن الصلاح: علوم الحديث. ط المكتبة العلمية، ص١٠٤ - ١٠٥.

<<  <   >  >>