للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يأت شيء في القرآن والسنة يدل عليه، سواء أكان دينياً أم دنيوياً، محموداً كان أم مذموماً، وهو مطابق تماماً للتعريف اللغوي ويمثل هذا الاتجاه جماعة من الأئمة منهم: الإمام الشافعي، وابن حزم، والعز بن عبد السلام، والقرافي وغيرهم.

٢ - الاتجاه الثاني: وهو التضيق في مدلول البدعة لتنحصر في الجديد (المحدث) المخالف للسنة، ومنهم من ضيق أكثر فقال: البدعة كل محدث مخالف للسنة ينسب إلى الدين ويتعبد به ويمثل هذا الاتجاه جماعة من العلماء منهم: ابن رجب الحنبلي، وابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيتمي، والزركشي وغيرهم، وأما من اعتبر قيد المخالفة للسنة والتدين بهذا المحدث، فعلى رأس هؤلاء الإمام الشاطبي. وقد ناقش في كتابه " الاعتصام " أصحاب الرأي الأول مناقشة علمية، وأبطل تقسيمهم للبدع إلى محمود ومذموم، وعرف البدعة بقوله: " البدعة طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية. يقصد بالسلوك عليها، المبالغة في التعبد لله تعالى " (١) .

وعلى الرغم من تباين هذين الاتجاهين من حيث التوسع والتضييق في مفهوم البدعة إلا أن الواقع العملي في إطلاق البدعة عند علماء الجرح والتعديل المقصود به دائماً ما هو مذموم من الآراء والاعتقادات والأعمال، مما يكون سبيله التأويل الفاسد المستند إلى الشبهات. قال السخاوي - رحمه الله -: " البدعة هي ما أحدث على غير مثال متقدم، فيشمل المحمود والمذموم لكن خصت شرعاً بالمذموم، مما هو خلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم فالمبتدع من اعتقد ذلك لا بمعاندة، بل بنوع شبهة " (٢) .

[أقسام البدعة]

قسم العلماء البدعة إلى قسمين هما: البدعة المكفرة، والبدعة


(١) أبو إسحاق الشاطبي: الاعتصام - ضبطه وصححه الأستاذ أحمد عبد الشافي - دار اشريفة، ج١ ص٢٨.
(٢) شمس الدين السخاوي: فتح المغيث - ت محمد عويضة - ج١ ص٣٥٦.

<<  <   >  >>