[المطلب الثاني: موقف الإمام البخاري من الرواة الضعفاء]
سبق في المطلب الأول نقل كلام الإمام ابن رجب حول موقف ابن المديني وتلميذه الإمام البخاري من الرواة المتصفين بالصدق ويكثر في حديثهم الوهم ولكن لا يغلب عليهم. حيث ذكر أن البخاري وابن المديني لا يخرجان لمثل هؤلاء الرواة. فهل ما ذكره ابن رجب صحيح ودقيق ينطبق مع الواقع العملي عند الإمام البخاري في صحيحه؟
إن الرواة الضعفاء (أو الذين ضعفوا) من رواة الجامع الصحيح عددهم كبير. وبمراجعة ما ذكره الحافظ في مقدمة الفتح يمكن أن نصفهم إلى خمسة أصناف.
الصنف الأول:
رواة ضعفوا بسبب بعض الأحاديث التي انفردوا بها، وهذه الأحاديث لا يعرج عليها البخاري في صحيحه. ومن هؤلاء الرواة:
١ - أفلح بن حميد الأنصاري المدني:
أحد الأثبات، وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن سعد، وقال ابن عدي: كان أحمد ينكر على أفلح حديث ذات عرق، ولم ينكر عليه أحمد غير هذا. وقد انفرد به عن أفلح المعافي ابن عمران، وأفلح صالح، وأحاديثه مستقيمة.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يحدث يحي القطان عن أفلح.
وروى أفلح حديثين منكرين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر، وحديث وقت لأهل العراق ذات عرق.
والبخاري لم يخرج له شيئاً من هذا - ولله الحمد - بل له عنده حديث واحد في الطهارة، وثلاثة في الحج، ورابع في الحج علقه، ووافقه