وإن كنت أميل إلى ما رجحه البخاري والترمذي وأبو حاتم وأبو زرعة بتصويب الحكم بالإرسال ي هذا الحديث على الوصل، للقرائن السابقة والكل مأجور على اجتهاده، والله أعلم.
[المطلب الثاني: الاختلاف في الرفع والوقف]
قد يختلف الرواة فيما بينهم فيرفع أحدهم حديثاً ويقفه الآخر أو العكس. وقد سبق في كلام الأئمة ما يفيد أنه لا يحكم في هذه المسألة بحكم كلي مطرد من تقديم الرفع على الوقف على اعتبار أن الرفع زيادة من الثقة فتقبل كما ذهب إليه كثير من المتأخرين، وإنما الأمر دائر مع القرائن والمرجحات فتارة يرجع الوقف وتارة يرجح الرفع، وهذه أمثلة من صنيع الإمام البخاري توضح هذا الأمر.
أمثلة لأحاديث رجح فيها البخاري الرفع على الوقف:
المثال الأول:
قال الإمام البخاري "حدثنا أحمد بن يونس حديثنا ابن أبي ذنب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستحرصون على الإمارة وتكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة".
وقال محمد بن بشار: حدثنا عبد الله بن حمران حدثنا عبد الحميد بن جعفر بن سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن أبي هريرة قوله" (١) .
وقد ذكر الإمام الدارقطني - رحمه الله - هذا الحديث في كتابه "التتبع" فقال:
(١) الجامع الصحيح، كتاب الأحكام، باب ما يكره من الحرص على الإمارة حديث رقم (٧١٤٨) ج١٣ ص١٣٣.