للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أحسن تعاريفها " هي آداب نفسانية، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات " (١) .

واشتراط العلماء للمروءة سببه: أن الإخلال بها إما يكون لخبل في العقل، أو لنقصان في الدين، أو لقلة حياء وكل ذلك رافع للثقة بقوله (٢) .

وقد جرى نزاع كبير واعتراض على من أدخل المروءة في شروط العدالة المتفق عليها (٣) .

ومما يجدر التنبيه إليه هنا - وهو أن اشتراط المروءة والقدح في الراوي الذي يتصف بما هو من خوارمها، إنما هو موكول للعالم الناقد مع إضافة أسباب أخرى قد فصلها الإمام الخطيب البغدادي حيث قال:

" وقد قال الكثير من الناس: يجب أن يكون المحدث والشاهد مجتنبين لكثير من المباحات نحو التبذل والجلوس للتنزه في الطرقات، والأكل في الأسواق، وصحبة العامة الأرذال، والبول على قوارع الطرقات، والبول قائماً، والانبساط إلى الخلق (*) في المداعبة والمزاح، وكل ما قد اتفق على أنه ناقص القدر والمروءة، ورأوا أن فعل هذه الأمور يسقط العدالة ويوجب رد الشهادة.

والذي عندنا في هذا الباب رد خبر فاعلي المباحات إلى العالم والعمل في ذلك بما يقوى في نفسه فإن غلب على ظنه من أفعال مرتكب المباح المسقط للمروءة أنه مطبوع على فعل ذلك، والتساهل به، مع كونه


(١) طاهر الجزائري: توجيه النظر إلى أصول الأثر - طبعة دار المعرفة - بيروت ص٢٨ - ٢٩.
(٢) المرجع نفسه ص ٢٩.
(٣) انظر هذه الاعتراضات والجواب عليها في: التقييد والإيضاح ص١١٤ - ١١٥ وفتح المغيث: ج١ ص٣١٦ - ٣١٧، وشرح العراقة لألفيته: ج١ ص٣٠٠ - ٣٠٣، وتدريب الراوي: ج١ ص٣٠٥ - ٣٠٦.
(*) وردت في المطبوع (الخرق) ولعل الصواب ما أثبته.

<<  <   >  >>