للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين:

أحدهما ما احتجا به في الأصول، وثانيهما: من أخرجا له متابعة وشهادة واعتباراً.

فمن احتجا به أو أحدهما، ولم يوثق ولا غمز، فهو ثقة حديثه قوي، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه: فتارة يكون الكلام فيه تعنتاً، والجمهور على توثيقه، فهذا حديثه قوي أيضاً، وتارة يكون في تليينه وحفظه له اعتبار، فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن التي قد نسميها: من أدنى درجات الصحيح.

فما في " الكتابين " بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة.

ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات. ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد، فكل من خرج له في " الصحيحين " فقد قفز القنطرة فلا معدل عنه إلا ببرهان بين.

نعم الصحيح مراتب والثقات طبقات فليس من وثق مطلقاً كمن تكلم فيه، وليس من تكلم في سوء حفظه واجتهاده في الطلب كمن ضعفوه، ولا من ضعفوه ورووا له كمن تركوه ولا من تركوه كمن اتهموه وكذبوه " (١) .

وقد سبق إلى هذا الحافظ الحازمي (ت ٥٢٤هـ) . فإنه قال بعد أن قسم الرواة إلى خمس طبقات وجعل الطبقة الأولى مقصد البخاري. ويخرج أحياناً من أعيان الطبقة الثانية.

" فإن قيل: إذا كان الأمر على ما مهدت، وأن الشيخين لم يودعا كتابيهما إلا ما صح، فما بالهما خرجا حديث جماعة تكلم فيهم، نحو فليح بن سليمان، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري ومحمد بن إسحاق وذويه عند مسلم. قلت: أما إيداع البخاري


(١) الموقظة ص٧٩ - ٨١.

<<  <   >  >>