للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" بُعثت بجوامع الكلم " (١) .

والشاهد الثاني: ما رواه البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه قال: " حدثنا يحي بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بعثت بجوامع الكلم ونُصرت بالرعب " (٢) .

فهذه الشواهد أو بعبارة أدق هذه المتابعات القاصرة، تدل على أن هذا الحديث محفوظ عن أبي هريرة يرويه عنه محمد بن سيرين وسعيد بن المسيب.

ويرويه عن سعيد بن المسيب، ابن شهاب الزهري، ويرويه عن الزهري، إبراهيم بن سعد وعقيل.

وأما محمد بن سيرين فيرويه عنه أيوب، ولم يروه عن أيوب إلا الطفاوي كما تقدم.

فأصل الحديث إذن ثابت وصحيح لا مرية فيه.

لكن ما هو الغرض العلمي الذي دفع البخاري إلى إخراج هذا الحديث من طريق الطفاوي؟ ظهر لي غرضان هما:

أولاً: هذا الإسناد رواته كلهم بصريون، كما صرح به الحافظ وكما يعلم من تراجمهم، إذن فهذا الإسناد وإن كان فيه تفرد محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن أيوب، الذي قد يثير شبهة الغرابة، وخاصة أن المتفرد ليس من الحفاظ، لكن لما كان هذا المتفرد إنما انفرد به شيخه وبلديه، والحديث مشهور بالبصرة متداول بين علمائها، فهذه الشهرة تدفع تلك الغرابة الآتية من تفرد الطفاوي به.


(١) رواه البخاري في كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " بعثت بجوامع الكلم " رقم (٧٢٧٣) ، ج١٣ ص٢٦١ مع الفتح.
(٢) كتاب الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالرعب مسيرة شهر " رقم (٢٩٧٧) ج٦ ص١٤٩.

<<  <   >  >>