للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تابعه عليه عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أيضاً (١) .

فهذه أمثلة ونماذج لم أقصد منها الاستيعاب، وإنما قصدت توضيح منهج البخاري في تقوية أحاديث الضعفاء، وأنه لا يعتمد على خصوص الأسانيد وإنما يحكم للحديث بمجموع طرقه.

والسؤال الذي يمكن أن يُطرح: لماذا يخرج البخاري لمثل هؤلاء الضعفاء مع أن الحديث قد يكون مروياً بإسناد آخر أقوى منه؟ ونفس الإشكال يُطرح أيضاً على الإمام مسلم.

وقد أجاب الإمام ابن الصلاح عن هذا فقال ما ملخصه:

" عاب عائبون مسلماً بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح.

والجواب: أن ذلك لأحد أسباب لا معاب عليه معها.

أحدها: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده.

الثاني: أن يكون ذلك واقع في الشواهد والمتابعات.

الثالث: أن يكون صنف الضعيف الذي احتج به طرأ بعد أخذه عنه، باختلاط حدث عليه غير قادح فيما رواه من قبل في زمان سداده واستقامته.

الرابع: أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده، وهو عنده برواية الثقات نازل فيذكر العالي ولا يطول بإضافة النازل إليه مكتفياً بمعرفة أهل الشأن بذلك، ولما أنكر أبو زرعة (٢) على مسلم روايته عن أسباط بن نصر (٣) ،


(١) كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار رقم (٦٥٥٣) ، ج١١ ص٣٢٤.
(٢) هو الإمام العلم الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي المخزومي الرازي، روى عنه مسلم، والترمذي، والنسائي، قال إسحاق بن راهوية: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل، توفي سنة (٢٦٤هـ) ، ترجمته في: تذكرة الحفاظ: ج٢ ص٥٥٧، والعبر: ج٢ ص٢٨.
(٣) " صدوق كثير الخطأ، يغرب، من الثامنة / خ ت م٤ " التقريب ص٩٨.

<<  <   >  >>