للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء، وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم بالنسبة إلى اللغة (*) .

ومن أصرح الأدلة فيه قوله تعالى: (يومئذ تحدث أخبارها ((١) وقوله تعالى: (ولا ينبئك مثل خبير ((٢) .

وأما بالنسبة إلى الاصطلاح ففيه الخلاف: فمنهم من استمر على أصل اللغة، وهذا رأي الزهري ومالك وابن عيينة ويحي القطان وأكثر الحجازيين والكوفيين، وعليه استمر عمل المغاربة، ورجحه ابن الحاجب في مختصره، ونقل عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة، ومنهم من رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه وتقييده حيث يقرأ عليه، وهو مذهب إسحاق بن راهوية والنسائي وابن حبان وابن منده وغيرهم، ومنهم من رأى التفرقة بين الصيغ بحسب افتراق التحمل: فيخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ، والإخبار بما يقرأ عليه، وهذا مذهب ابن جريج الأوزاعي والشافعي وابن وهب وجمهور أهل المشرق، ثم أحدث أتباعهم تفصيلاً آخر: فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال: " حدثني " ومن سمع مع غيره جمع، ومن قرأ بنفسه على الشيخ أفرد فقال: " أخبرني " ومن سمع بقراءة غيره جمع، وكذا خصصوا الإنباء بالإجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه، وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، وإنما أرادوا التمييز بين أحوال التحمل، وظن بعضهم أن ذلك على سبيل الوجوب، فتكلفوا في الاحتجاج له وعليه بما لا طائل تحته، نعم يحتاج المتأخرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور لئلا يختلط، لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوز عنها احتاج إلى


(١) سورة الزلزلة، الآية: ٤.
(٢) سورة فاطر، الآية: ١٤.
(*) تعقب العلامة العيني الحافظ ابن حجر في هذا وبين أن هناك فرقاً من جهة اللغة حاصلة: أن الخبر يرجع إلى العلم، وإنما استواء هذه الألفاظ من حيث الاصطلاح (عمدة القارئ ٢/ ١١) .
وهذا التعقيب ليس بشيء، فقد قال الخطيب في الكفاية ص٢٨٧ " وقد قال بعض أهل العلم بالعربية هذه الألفاظ الثلاثة بمنزلة واحدة في المعنى، ثم ذكر بالسند عن ثعلب إمام اللغة أو حدثنا وأخبرنا وأنبأنا في اللغة سواءً ".

<<  <   >  >>