للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: " وقد ادعى ابن مندة أن كل ما يقول البخاري فيه " قال لي " فهي إجازة، وهي دعوى مردودة بدليل أني استقريت كثيراً من المواقع التي يقول فيها في " الجامع " " قال لي " فوجدته في غير الجامع يقول فيها: " حدثنا " والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث (*) ، فدل على أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما بلغ شرطه وما لا يبلغ، والله أعلم " (١) .

لكن بقي هنا إشكال لابد من الإجابة عليه، وهو إذا تقرر أن البخاري لا يرى صحة الرواية بالإجازة المطلقة فلماذا أخرج في صحيحه لمن روى بالإجازة؟

من المعلوم أن أصحاب الصحيح كانوا يتحرون في كيفية سماع الرواة بعضهم من بعض حتى يتم لهم تحقق شرط الصحيح، وهو اتصال السند مع بقية الشروط الأخرى ومن ثم تركوا الرواية عن كثير من الرواة بسبب خلل وقع لهم في التحمل، فمن هؤلاء مثلاً: عمرو بن شعيب فقد قال الذهبي بصدد روايته عن أبيه عن جدة: " وبعضهم تعلل بأنها صحيفة رواها وجادة ولهذا تجنبها أصحاب الصحيح، والتصحيف يدخل على الرواية من الصحف، بخلاف المشافهة في السماع " (٢) .

وقال الإمام ابن تيمية: " وكان عند آل عبد الله بن عمرو بن العاص نسخة كتبها عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا طعن بعض الناس في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدة وقالوا: هي نسخة " (٣) .

ومن أبرز الرواة الذين أخرج لهم البخاري، وقيل عنهم أنهم رووا بالإجازة.


(١) فتح الباري: ج١ ص١٨٨.
(٢) ميزان الاعتدال: ج١ ص٢٦٥.
(٣) مجموع الفتاوى: ج١٨ ص٨.
(*) اختصار أخبرنا.

<<  <   >  >>