" هو علي ابن المديني، وقيل البخاري ولم يسم في صحيح مسلم ".
فهؤلاء الحفاظ المتأخرون قد ذهبوا إلى أن المعنى بالرد هو ابن المديني وليس البخاري، وقد ذهب إلى هذا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من المعاصرين، وقدم دليلاً تاريخياً على عدم صحة أن يكون البخاري هو المعني بالرد في كلام مسلم - رحمه الله - ألخصه فيما يلي:
" الإمام مسلم ولد سنة (٢٠٤هـ) والأرجح سنة (٢٠٦هـ) ، وسمع الحديث سنة (٢١٨هـ) وتوفي سنة ٢٦١هـ) عن (٥٥) سنة.
بقي الإمام مسلم في تأليف كتابه (١٥) سنة وقد فرغ من تأليفه سنة (٢٥٠هـ) فيكون مسلم قد بدأ في تأليفه سنة (٢٣٥هـ) حين كانت سنه ٢٩ سنة، وانتهى منه حين كانت سنه ٤٤ سنة وقد عاش بعد الفراغ من تأليفه ١١ سنة، ولا شك أن مسلماً قد كتب مقدمة صحيحه قبل الشروع في تأليفه لا بعده، كما هو صريح قوله في مقدمته.
والإمام مسلم لما صاحب البخاري في نيسابور، وأدام الاختلاف إليه، ولازمه كل الملازمة، خمس سنوات من سنة ٢٥٠ إلى سنة ٢٥٥، وكان في هذه المدة منتهياً من تأليف كتابه الصحيح، وفيه مقدمته التي فيها الكلام الشديد، فلا يعقل أن يكون البخاري هو المعني بهذه اللهجة الشديدة التي لا تطاق معها مقابلة ولا لقاء، فضلاً عن الصحبة والملازمة خمس سنوات، بل إن مسلماً قد قاطع شيخه وبلديه: محمد بن يحي الذهلي النيسابوري من أجل البخاري لما ورد نيسابور، ووقف منه محمد بن يحي الذهلي ذلك الموقف المعروف، فهل يقبل ممن يناصر البخاري هذه المناصرة ويقول له: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، ودعني أقبل رجلك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله: أن يصفه بتلك الصفات النابزة، والأقوال القاسية، والكلمات الجارحة ويتصاحبا مع
(١) الكتاب ما يزال مخطوطاً، ونقلته بواسطة نفس المرجع.