للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب - تدليس الشيوخ:

هو أن يروي الراوي عن شيخ حديثاً سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف (١) .

ويمكن أن نضع تعريفاً للتدليس يشمل القسمين وهو: " التدليس إخفاء عيب في الإسناد ظهوره يكون سبباً في ضعفه أو انقطاعه " فعيوب الإسناد التي تكون سبباً في ضعفه هي: ضعف الرواة، وجهالتهم، وجرحهم.

والعيوب التي تكون سبباً في انقطاع الإسناد، كعدم السماع مطلقاً أو عدم لقاء الرواة بعضهم بعضاً أو عدم السماع منهم في خصوص ذلك الحديث.

حكم التدليس:

قال الخطيب البغدادي - رحمه الله -: " التدليس متضمن للإرسال لا محالة، لإمساك المدلس عن ذكر الواسطة، وإنما يفارق حال المرسل بإيهامه بالسماع ممن لم يسمع فقط، وهو الموهن لأمره فوجب كون التدليس متضمناً للإرسال، والإرسال لا يتضمن التدليس، لأنه لا يقتضي إبهام السماع ممن لم يسمع منه " (٢) فالتدليس يشبه المرسل في كون كل منهما منقطع، ويختلف عنه بأن الإرسال انقطاع ظاهر والتدليس انقطاع خفي مع أن راويه يذكره بصيغة توهم الاتصال، ولهذا لم يذم العلماء في أرسل وذموا من دلس.

ولقد اختلف العلماء في قبول رواية من عرف بهذا التدليس، ولقد ذكر هذا الخلاف الإمام ابن الصلاح في مقدمته، فقال - رحمه الله -: " ثم اختلفوا في رواية من عرف بهذا التدليس (أي تدليس الإسناد) فجعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحاً بذلك، وقالوا: لا تقبل روايته بحال بين


(١) علوم الحديث ص٦٦.
(٢) الكفاية ص٣٩٥.

<<  <   >  >>