للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحفظ أو غيرها من المرجحات أو القرائن فإن البخاري يخرج الوجهين وكذلك يصنع الإمام مسلم - رحمه الله - وقد أشار الإمام الذهبي إلى هذا فقال: "وإن تساوى العدد واختلف الحافظان، ولم يترجح الحكم لأحدهما على الآخر، فهذا الضرب يسوق البخاري ومسلم الوجهين منه في كتابيهما وبالأولى سوقهما لما اختلف في لفظه إذا أمكن جمع معناه" (١) .

أي أن الشيخين يخرجان ما اختلف فيه الحافظ المتساوون في العدد والحفظ إذا لم يمكن الترجيح بينهما سواء أكان الخلاف في سياق المتن أم في السند.وسيأتي مزيد توجيه لهذا في "مبحث المخالفة" من هذه الرسالة.

وفي ضوء هذا الواقع نستطيع أن نفهم منهج الإمام الدارقطني في كتابه "التتبع" لأن كثيراً من الناس يرى أن الدارقطني قص انتقاد الشيخين في جميع ما يذكره، وقد أوضح الإمام الدارقطني منهج كتابه وموضوعه حيث يقول في مستهله "ابتداء ذكر أحاديث معلولة اشتمل عليها كتاب البخاري ومسلم أو احدهما بينت عللها والصواب منها" (٢) .

وهذا النص واضح جداً أن موضوع الكتاب هو ذكر أحاديث معلولة اشتمل عليها كتاب البخاري ومسلم أو أحدهما مع بيان عللها والصواب منها، وأنه لم يلمح فيه أن الانتقاد سوف يوجه صوب صنيع الشيخين في صحيحهما على أساس أن كلاً منهما قد أخل في شرط كتابه، لأنه قال "اشتمل عليها" ولم يوضح على أي وجه اشتمل عليها، وهو شامل لجميع أنواع الأحاديث، سواء اشتمل عليها على وجه الاحتجاج أم على وجه الاستناس والاحتياط والاستشهاد أم على وجه التبع وشرح العلل، ولم يقل - رحمه الله - "ذكر أحاديث معلولة احتج بها الشيخان وهي مخالفة لشروطهما".

والذي يبدو عند إمعان النظر في كتاب "التتبع" أن الأحاديث التي بين عللها تصنف على أنواع:


(١) الموقظة ص٥٢.
(٢) الإلزامات والتتبع ص١٢٠.

<<  <   >  >>