للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن أفراد الثقات، وغرائبهم ما يرد ومنها ما يقبل، ولهذا وضع في تعريف الصحيح قيداً مهماً وهو الخلو من الشذوذ والعلة في فلو كان القبول لازماً لأحاديث الثقات لأصبح ذكر هذا القيد لغواً في التعريف (١) .

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: "إنه لا يتابع عليه " ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفرد الثقات الكبار، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه" (٢) .

الغرائب والأفراد في نظر الأئمة:

يقول ابن رجب: "وقد كان السلف يمدحون المشهور من الحديث ويذمون الغريب منه في الجملة.

ومنه قول ابن المبارك: "العلم هو الذي يجيئك من ههنا ومن ههنا" يعني المشهور وعن علي بن الحسين: "ليس العلم ما لا يعرف، إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن".

وعن مالك: "شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي رواه الناس".

وعن الأعمش: "كانوا يكرهون غريب الحديث وغريب الكلام ".

وعن أبي يوسف: "من طلب غرائب الحديث كذب ".

وذكر مسلم في مقدمة كتابه من طريق حماد بن زيد أن أيوب قال لرجل: لزمت عمراً؟ قال: نعم إنه يجيئنا بأشياء غرائب قال يقول له أيوب: إنما نفر أو نفر من تلك الغرائب قال رجل لخالد بن الحارث: اخرج لي حديثا الأشعث لعلي أجد فيه شيئاً غريباً.


(١) الوازنة ص٢٧ - ٢٨ وانظر أيضاً "الحديث المعلول" ص١٢٢-١٢٥.
(٢) شرح العلل ص٢٠٨.

<<  <   >  >>