للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يظهر لي إضافة إلى ما قاله الحافظ، هو أن سليمان بن بلال أوثق ممن خالفه، فهذه القرائن كلها مجتمعة ترجح رواية البخاري - رحمه الله -.

ومما يدل على صحة هذا الحديث في الجملة، أنه لا يعارض القرآن ولا السنة، بل يوافقهما لذا نجد الإمام البخاري ذكر قبل هذا الحديث آيتين في نفس معناه، وهما قول تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وأتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (١) .

وقوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأمناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} (٢) .

قال الحافظ: "وكأن المؤلف (أي البخاري) أشار على إمكان عد الشعب من هاتين الآيتين وشبههما" (٣) .

وأما الأحاديث في هذا المعنى فهي كثيرة جداً قد أوردها الأئمة في مصنفاتهم في أبواب الإيمان والسنة.

مما سبق نستخلص أن البخاري لا يرى أن كل حديث تفرد هـ رواية منكراً، بل يراه صحيحاً مقبولاً إذا توفرت فيه الشروط التالية كلها أو بعضها:

١- أن يكون الراوي المتفرد بالحدي ثقة حافظ.

٢- أن يكون التفرد في الطبقات المتقدمة ثم يشتهر في الطبقات المتأخرة.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٧.
(٢) سورة المؤمنون، الآيات: من ١ إلى ١١.
(٣) الفتح: ج١ ص٦٦.

<<  <   >  >>