للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاوية (١) وتمام العشرة من أصحاب أبي إسحاق، مع اختلاف مجالسهم في الأخذ وسماعهم إياه من لفظه.

وأما رواية من أرسله وهما شعبة وسفيان، فإنما أخذاه عن أبي إسحاق في مجلس واحد، فقد رواه الترمذي فقال:

حديث محمود بن غيلان، ثنا أبو داود ثنا شعبة قال: سمعت سفيان يسأل أبا إسحاق سمعت أبا بردة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" فقال: نعم (٢) .

فشعبة وسفيان إنما أخذاه معاً في مجلس واحد، كما ترى، ولا يخفى رجحان ما أخذ من لفظ المحدث في مجلس متعددة على ما أخذ عنه عرضاً في مجلس واحد.

هذا إذا قلنا حفظ سفيان وشعبة في مقابل عدد الآخرين، مع أن الشافعي رضي الله عنه يقال: "العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد".

فبين أن ترجيح البخاري لوصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الواصل معه زيادة ليست مع المرسل بل لما يظهر من قرائن الترجيح، ويزيد ذلك ظهوراً تقديمه للإرسال في مواضع أخرى (٣) .

ثم ذكر حديثاً قال فيه البخاري: الصواب قول مالك مع إرساله، ثم قال عقبه: "فصوب الإرسال هنا لقرينة ظهرت له فيه، وصوب المتصل هناك لقرينة ظهرت له فيه، فتبين أنه ليس له عمل مطرد في ذلك والله أعلم" (٤) .

وممن صحح الوصل ي هذا الحديث الترمذي – رحمه الله – في جامعه وعلله، وصححه أيضاً ابن حبان والحاكم.


(١) هو زهير بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي نزيل الجزيرة، ثقت ثبت، مات سنة (١٧٣هـ) (التقريب ص٢١٨) وروايته أخرجها ابن حبان (٤٠٦٥) ، والبيهقي: ج٧ ص١٠٧.
(٢) كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي: ج٢ ص١٧٦ (مع التحفة) .
(٣) النكت ص٢٣٩.
(٤) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>