للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض النقاد الوقف، بعضهم يرجع الرفع ويرجح آخرون صحة الطرفين معاً.

وأضرب لذلك مثلاً من صنيع الإمام البخاري – رحمه الله -.

حديث الزهري عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع عبداً " فهذا الحديث اختلف فيه على ابن عمر. فسالم يرويه هكذا: "من باع عبداً، وله مال، فماله للمبتاع، ومن باع نخلاً مؤبراً فتمره للبائع إلا أن يشترط المبتاع" (١) .

بينما نافع يقول عن ابن عمر قال: "من باع عبداً، وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترطه المباع " (٢) فقد اتفقنا – رضي الله عنهما – على رفع ما جاء في النخل أما ما جاء في العبد فقد اختلفا في رفعه ووقفه فرفعه سالم، ووقفه نافع.

وقد ذكر الترمذي أنه سأل البخاري عن هذا الحديث فقال: "سألت محمداً عن هذا الحديث وقلت له: حديث الزهري عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع عبدا " وقال نافع ابن عمر عن عمر، أيهما اصح.

فقال: إن نافع يخالف سالماً في أحاديث، وهذا من تلك الأحاديث. وروى سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال نافع عن ابن عمر عن عمر كأنه رأى الحديثين صحيحين، أنه يحتمل عنهما جميعاً" (٣) .

فهذا النص من الإمام الترمذي يفيد إمكان صحة الحديثين جمعياً عند الإمام البخاري، لكن ذكر الترمذي في جامعه عند رواية هذا الحديث.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الشرب والمساقاة، بل الرجل يكون أن ممراً أو شرب في حائط أو في نخل، حديث رقم (٢٣٧٩) ج٥ ص٦٠ (مع الفتح) ، ومسلم في صحيحه ج٥ ص١٧، وأبو داود (٣٤٣٣) وابن ماجه (٢٣١١) والنسائي (٤٦٥٠) .
(٢) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من باغ نخلاً قد أبرت رقم (٢٢٠٣) ج٤ ص٤٦٩، ورواه ملك في الموطأ وعبد الرزاق في مصنفه (١٤٦٢٣) .
(٣) العلل الكبير ص١٨٥.

<<  <   >  >>