وقال الحافظ:"إن مثل هذا يخرجه البخاري على الاحتمال، لأن رواية الثوري عند جماعة من الحفاظ هي المحفوظة، وشعبة زاد رجلاً فأمكن أن يكون علقمة سمعه من سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن ثم لقي عبد الرحمن فسمعه منه"(١) .
فاحتمال صحة الطريقين غير مستبعد، لأن كلاً من سفيان وشعبة قد تابعها جماعة من الثقات، ولم تقم قرينة على ترجيح أحدهما على الآخر.
وفي تمام هذا المطلب نخلص إلى أن الترجيح بين الرواة إذا اختلفوا في زيادة راو في إسناد وحذفه، لا يلزم حالة واحدة مطردة بل يدور مع القرائن والمرجحات، فتارة يكون الحكم للزائد، وتارة يكون الحكم للناقص، وتارة يكون كلا الطرفين صحيحاً، وتارة لا يستطيع الناقد أن يرجح أحد الطريقين على الآخر مع احتمال كونهما صحيحين معاً.
وأما ما يسلكه كثير من الفقهاء والأصوليين والمتكلمين ومتأخري المحدثين من ترجيح الرواية الزائدة على الناقصة دائماً اعتماداً على أن الراوي الثقة إذا زاد تقبل زيادته، واحتمال أنه سمع من الشيخ بالواسطة ثم سمع منه مباشرة، كل هذا مخالف لمنهج النقاد القائم على النظر في الواقع الحديثي المدعوم بالقرائن والدلائل، ويحصل بالاتساع في الرواية والحفظ والفهم، وليس بالاحتمالات والتجويزات العقلية المجردة.