وقال الحافظ في الفتح في شرح لحديث ابن عمر من طري حنظلة عن عكرمة:
"ووقع هنا تقديم الحج على الصوم، وعليه بنى البخاري ترتيبه، لكن وقع في مسلم من رواية سعد بن عبيدة، عن ابن عمر، بتقديم الصوم على الحج، قال: فقال رجل والحج وصيام رمضان، فقال ابن عمر: لا، صيام رمضان والحج، هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي هذا إشعار بأن رواية حنظلة التي في البخاري مروية بالمعنى، إما أنه لما يسمع رد ابن عمر على الرجل لتعدد المجلس، أو حضر ذلك ثم نسيه، ويبعد ما جوزه بعضهم أن يكون ابن عمر سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم على الوجهين، ونسي أحدهما عند رده على الرجل.
ووجه بعده أن طرق النسيان إلى الراوي عن الصحابي أولى من تطرقه إلى الصحابي، كيف وفي رواية مسلم من طريق حنظلة بتقديم الصوم على الحج، ولأبي عوانة من وجه آخر عن حنظلة أنه جعل صوم رمضان قبل، فتنويعه دال على أن روى بالمعنى.
ويؤيده ما وقع عند البخاري في التفسير بتقديم الصيام على الزكاة أفيقال إن الصحابي سمعه على ثلاثة أوجه؟ هذا مستبعد - والله أعلم- (١) .
وفي ختام هذا المطلب نخلص إلى ما يلي:
إن الرواية بالمعنى تكون سببا لتعليل الحديث إذا غيرت معناه كليا عن المعنى الأصلي ولا تكون سببا للتعليل إذا لم تخرج عن المعنى الأصلي، وذلك بتغير الألفاظ بمرادفتها، أو التعبير عن اللفظ بما يتجوز عنه به، أو بالتقديم والتأخير، ونحو ذلك.