للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: كم يعتري محمد بن يحي الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء، فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك.. قال: يا بني هذه مسألة مشؤومة رأيت أحمد بن حنبل وما ناله في هذه المسألة!

وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها.

قال الذهبي: " المسألة هي أن اللفظ مخلوق، سئل عنها البخاري، فوقف واحتج بأن أفعالنا مخلوقة واستدل لذلك ففهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ، فتكلم فيه. وأخذه بلازم قوله هو وغيره " (١) .

وقد أظهر البخاري في هذه المحنة صبراً لا مثيل له. فقد كان كثيراً من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك فيقول: (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ((٢) ، ويتلو أيضاً: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ((٣) .وقال له بعضهم: كيف لا ندعو على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويتهمونك؟ ! فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اصبروا حتى تلقوني على الحوض " (٤) . وقال: " من دعا على ظالمه فقد انتصر " (٥) .

وقال له بعضهم: يا أبا عبد الله إن فلاناً يكفرك فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما " (٦) . وكان في هذه المحنة هجيراه من الليل يردد قوله تعالى:


(١) السير: ج١٢ ص٤٥٧.
(٢) سورة النساء، الآية: ٧٥.
(٣) سورة فاطر: الآية: ٤٣.
(٤) أخرجه البخاري من حديث أسيد بن خضير، كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: " اصبروا حتى تلقوني على الحوض " رقم (٣٧٩٢) ، ج٧ ص١٤٦، وفي كتاب الفتن، باب قول النبي: " سترون أموراً بعدي تذكرونها " رقم (٧٠٥٧) ، ج١٣ ص٧، مع الفتح.
(٥) أخرجه الترمذي من حديث عائشة في كتاب الدعوات حديث رقم (٣٥٥٢) وفي سنده أبو حمزة ميمون الأعور وهو ضعيف.
(٦) أخرجه مالك في الموطأ، باب ما يكره من الكلام ج٢ ص٩٨٤، ومن طريقة الإمام أحمد ج٢ ص١١٣ والبخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال حديث رقم (٦١٠٣) ، ج١٠ ص٥٣١ مع الفتح.

<<  <   >  >>