للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومراميه في الكلام فيعمد إليه أولاً أو في تركيب نحوي فيعرضه قبل إيضاح المعني وشرح الألفاظ، كل هذه العناصر كان المرزوقي يبدأ بها شرحه للنص. ولقد رأيناه بالإحصاء يعالج المائة قطعة الأولى من باب الحماسة، فكانت النتيجة لا تتفق مع ما ذهب إليه الدكتور العمري، فهو قد بدأ بالمعني في ثلاثة وسبعين ومائة بيت، وبشرح الألفاظ في ثلاثة ومائة بيت، وبالنحو في واحد وسبعين بيتًا، وبشرح العبارات الغامضة في ستة وثلاثين بيتًا، وبمناقشة الرواية في تسعة عشر بيتًا. ومن ثم فان مجموع العناصر الأخرى غير المعني قد بلغ ثلاثة وتسعين ومائتي بيت من مجموع قدره اثنان وأربعون وأربعمائة بيت، هذا فضلا عن أنه كان يكتفي بإيراد المعني فقط في جمله من الأبيات التي بدأ فيها بالمعني، دون مناقشة لعنصر من العناصر الأخرى، وربما عالج معه عنصراً أو عنصرين.

ثالثًا: إن إبراز عمل المرزوقي في المعني واهتمامه به لا يظهر بالموازنة بينه وبين ابن جني، فالمرزوقي منهجه أدبي إبداعي فني، وابن جني منهجه علمي تخصصي، وشتان ما بين المذهبين في المقومات والصفات على نحو ما سنرى فيما بعد، ولو أن الدكتور العمري قد وازن بين عمل المرزوقي المعني وشارح آخر يسير على منهجه كأبي أحمد العسكري مثًلا لاتضح لنا قيمة عمل المرزوقي في المعاني، ولتبين لنا الصواب أو عدمه فيما ذهب إليه من أقوال.

إننا لا نقول بأن المرزوقي لم يهتم بالمعني في شرحه، فالمعني هم كل شارح لهم يسلك سبيل العلم المتخصص ولكنه لم يكن في شرحه بهذا التقنين الذي وضعه فيه الدكتور العمري يبدأ بالمعني متدرجاً منه إلى العبارة ثم إلى الألفاظ أو على حد تعبيره يبدأ بالكل ويتدرج إلى أن يصل إلى الجزء" وإنما كان في ذلك محكومًا بما يثيره النص فيه من اهتمام حال قراءته، فهذه الإثارة هي التي تتحكم في معالجة النص عنده وطريقه سيره في الشرح.

ولعلنا من خلال كل ما ذكرناه يتضح لنا أن هذا المنهج" الأدبي الإبداعي الفني" الذي سبق إلى مصطلحه الدكتور العمري يقوم على معايير وصفات نتبع منه، فهو- بلا تزيد وإنشاء- يعد منهجًا أدبيًا لأن صاحبه يجعلنا نحس- ونحن نقرأ شرحه-

<<  <   >  >>