للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بمتعتين: متعة النص الشعري المعالج ومتعة الأسلوب الذي يعرض فيه سرحه، ويعد إبداعياً، لأن الشارح لا يعتمد فيه على النقل والرواية وإنما على العقل والدراية، وان كنا لانعدم لمحات أثر للنقل والرواية في عمل صاحبه، غير انه أثر طفيف لا يمس إبداعه في شيء. وهو منهج فني لأن صاحبه يوظف علوم العربية من لغة ونحو وبلاغة ورواية ونقد لخدمة النصوص التي يعالجها محاولًا أن يبرز من خلال ذلك ثقافتها التي يضطلع بها وذاتية الدالة عليه، كما يستغل مكنته في معالجة عناصر الشرح بصورة تدل على فنية واضحة.

٢ - المنهج العلمي التخصصي:

أما المنهج العلمي التخصصي فانه يقوم على صفات ومعايير تختلف في غلبتها عن المنهج الأدبي الإبداعي الذي رأيناه، قد يلتقي صاحبه مع أصحاب المنهج الإبداعي في أنه مثلهم يعتمد على عقليته ودرايته أكثر من اعتماده على نقله وروايته، ولكننا لا نعدم عنده من أثر النقل والرواية، فهو من حيث هذا الأثر مثل أصحاب المنهج الإبداعي، ولكنه في درجة أعلى منهم.

إن ٠٢ جوهر الاختلاف بين المنهجين يكمن في عدة أمور أحدها: أن أصحاب المنهج العلمي يتعاملون مع النص الشعري وفق اهتمامهم العلمية المحضة، يثيرون من خلاله قضايا اللغة وما فيها من اشتقاقات وتصاريف ومعضلات النحو والإعراب، ولهذا لا يتخذون الأسلوب الأدبي الذي نجده عند أصحاب المنهج الإبداعي الفني، بل يتخذون في قضاياهم اللغوية والنحوية أسلوباً علمياً لا يمس الوجدان ليثير فينا متعة عند قراءته بل يخاطب العقل والعقل وحده. وثانيها: إذا كان أصحاب المنهج الإبداعي يعملون العقل ويكدون الفكر من أجل إبراز أغراض الشعر وما فيه من مضامين وأشكال، فان صاحب هذا المنهج يعمل أيضًا عقله ويكد فكره، ولكن في مجال العلم وحده، يستعرض فيه قوه ذهنه وفكره وقدرته على الاستنباط والتعليل في مجالات علوم اللغة والنحو والصرف وإثارة ما فيها من قضايا ومعضلات. وثالث هذه الأمور أننا رأينا أصحاب المنهج الإبداعي يهتمون

<<  <   >  >>