علل فقال:" لأن بين لا يدخل لشيئين يتباين أحدهما عن الآخر فصاعدا، وإذا كان كذلك لا يكتفي بقوله المنيفة فيرتب عليه الضمار بالفاء العاطفة اللهم إلا أن تجعل بين الأجزاء "المنيفة" فتصير المنيفة كاسم الجمع نحو القوم والعشيرة وما أشبههما، وعلى هذا حمل قول امرئ القيس:
بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
ولم يكتف المرزوقي بهذا التعليل في عامل الجودة بل دعمه بعمل عالم لغوي معتد به هو الأصمعي حيث قال مشيرًا إلى قول امرئ القيس" وكان الأصمعي يرده ويرويه بالواو".
والمرزوقي بجانب هذه المفاضلة التي كان يقيمها في الرواية ويبنيها على المعايير التي ذكرناها، كان إذا تساوت لديه الروايات لا يكتفي بإيرادها فحسب كما يفعل أصحاب المنهج الاختصاري التسهيلي بل يشرحها ويجلو ما فيها من غموض في اللغة، والأمثلة على ذلك كثيرة شملت سائراً أجزاء شرحه، فبيت أبي كبير الهذلي الوارد في الحماسية الثانية عشرة جاءت روايته عنده هكذا:
ثم بدأ شرحه بقوله: "ويروى واكتفينا" ثم مضي فشرح البيت على الرواية التي أثبتها قال: " يقول بعدنا عنكم فاستقللتم بأنفسكم، واستغنيتم عمن يعاضدكم في كل ما يدهمكم، فلم تدعكم حاجة إلى مجاورتنا ولا ألجأتكم الضرورة إلى التكثر