بعده يدل على ما قلناه ولا معني هنا لقولك" وما كنت" ولا للم أك، وهذا واضح".
هذا كلام ابن جني فيما اختاره من رواية، فيه منطقية واضحة، واستدلال بخروج الشعراء في الاضطرار إلى استعمال الأصول مستعمل الفروع، واستعراض لأشباه والنظائر في هذا، ورجوع إلى أصل ديوان الشاعر، وغير ذلك من الأدلة التي يمكن أن تستنبط من هذا الكلام، ومع ذلك فان المرزوقي وقد تسلطت عليه نوازع الاستعلاء نراه يعترض عليه فيقول: " ولا ادري لم اختار هذه الرواية ألأن فيها ما هو مرفوض في الاستعمال شاذ، أم لأنه غلب في نفسه أن الشاعر كذا قاله في الأصل وكلاهما لا يوجب الاختيار"، وابن جني لم يغلب في نفسه أن الشاعر كذا قاله في الأصل، وإنما أكد أنه رآه هكذا في شعره بالخط القديم، يعني عن الرواة الأوائل، كما أنه لم يختر هذه الرواية لمجرد أنها مرفوضة الاستعمال شاذة، وهذا ما دفع الخطيب التبريزي- وقد أشار إلى رواية" وما كدت آيبا" ونقل عن أبي محمد الأعرابي وشيخه أبي الندي أنها الرواية الصحيحة- إلى أن يعقب على كلام المرزوقي هذا بقوله: " وتكلم المرزوقي على اختيار أبي الفتح هذه الرواية رادًا عليه ولم ينصفه".
٥ - اللغة والنحو:
اللغو والنحو علمان يستعين بهما الشارح في تفسير الألفاظ والتراكيب التي يشتمل عليها النص الشعري المشروح، ولهذا فإنهما يشكلان دورًا خطيرًا في شرح المرزوقي من حيث أنهما- وبخاصة اللغة - يمثلان المرتكز الأول الذي يعتمد عليه في فهم الشعر وتوضيح معانيه، ولقد سبق أن أشرنا إلى أن جل مصادر الرجل في شرحه كانت في مجالي اللغة والنحو لأن موادهما موروثة عن السلف متداولة عبر أجيال العلماء، ومن ثم تبرز ظاهرة النقل فيمها أكثر من غيرهما من العناصر الأخرى،