للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العجز، ولا يكون ذلك إلا حالًا، فكذلك يجب أن يكون ميتا وإلا اختلفا وفسد المعني" ومثل ذلك أيضًا عمله في إعراب" جانبًا" الوارد في بيت سعد بن ناشب وهو:

إذَ هَمَّ أَلقْي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هَمَّهُ وَنكَّبَ عَنْ ذِكْر العَوَاقِبِ جَاَنَبًا

قال: وانتصب جانبًا على أنه ظرف، ونكب يكون بمعني تنكب والمعني: أنه إذا هم بالشيء جعله نصب عينيه إلى أن ينفذ فيه ويخرج منه ويصير في جانب من الفكر والعواقب. ويجوز أن ينتصب" جانبًا" على المفعول ويكون نكب بمعني حرف، والمراد انحرف عن ذكر العواقب وطوى كشحه دونه".

وهو بجانب ربطه الإعراب بالمعني نراه ينظر إلى غرض الشاعر وما يتصل به من إيحاءات، وذلك حين يكون للتركيب أكثر من وجه في الإعراب، مثل عمله في بيت بشامة النهشلي الذي يقول فيه:

إِنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لَا نَدَّعِي لأبٍ عَنْهُ وَلاَ هُوَ بالأَبْناءِ يَشْرِينَا

فقد بين وجه الإعراب في قوله" بني" قال: " وانتصاب بني على إضمار فعل كأنه قال أذكر بني نهل، وهذا على الاختصاص والمدح، وخبراء"لا ندعي" ثم انتقل إلى وجه آخر فقال: " ولو رفع فقال: بنهو نهشل على أن يكون خبر أن لكان لا ندعي في موضع الحال" ثم وضح الفرق بين الوجهين بالنظر إلى غرض الشاعر ومضمون الشعر قال: "والفصل بين أن يكون اختصاصًا وبين أن يكون خبرًا صراحًا هو أنه لو جعله خبرًا لكان قصده إلى تعريف نفسه عند المخاطب، وكان لا يخلو فعله لذلك من خمول أو جهل من المخاطب بشأنهم، فإذا جعل اختصاصًا فقد أمن هو الأمرين معًا".

<<  <   >  >>