يكتفي بعرض الآراء جنبًا إلى جنب مبينًا وجهات النظر المذهبية كلًا على حدة دون تعصب)).
وفي المثال الثالث الخاص ببيتي عمرو بن معدي كرب وهما:
ولما رأيت الخيل زورًا كأنها جداول زرٍع خليت فاسبطرت
فجاشت إلى النفس أول مرٍة وردت على مكروهها فاستقرت
وقد أورد الدكتور العمري هذا المثال مبتورًا, وهو كما جاء في شرح المرزوقي على النحو التالي: يجوز أن يكون الفاء في ((فجاشت)) زائدة في قول الكوفيين وأبي الحسن الأخفش, ويكون جاشت جوابًا للما, والمعنى: لما رأيت الخيل هكذا خافت نفسي وثارت, وطريقة جل أصحابنا البصريين في مثله أن يكون الجواب محذوفا كأنه قال: لما رأيت الخيل هكذا فجاشت نفسي وردت على ما كرهته فقرت طعنت أو أبليت.
ويدل على ذلك قوله في البيت التالي ((علام تقول الرمح يثقل ساعدي إذا أنا لم أطعن)) فحذف طعنت أو أبليت لأن المراد مفهوم, وهذا كما حذفوا جواب لو رأيت زيدًا وفي يده السيف)) ثم أورد نظيرين من الأمثلة من القرآن والشعر لحذف الجواب وقال:((وحذف الجواب في مثل هذه المواضع أبلغ وأدل على المراد وأحسن بدلالة أن المولى إذا قال لعبده: والله لئن قمت إليك, وسكت, تزاحمت عليه من الظنون المعترضة للوعيد ما لا يتزاحم لو نص عن مؤاخذته على ضرب من العذاب)) فأنت ترى المرزوقي في هذا المثال يحاول عن طريق ضرب الأمثلة والشواهد واللجوء إلى الأثر النفسي الناتج عن مواقع إثبات رأي البصريين في قولهم بحذف الجواب في هذه المواضع.
إن المثال الوحيد الذي يبدو فيه عرض لرأي بصري وآخر كوفي دون انحياز ضمنًا أو صراحة هو المثال الذي جال حول لفظة ((الآل)) في بيت سليمان بن قتة الغنوي وهو: