للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكأن التبريزي بعبارته الأخيرة يرى أن المرزوقي بصري المذهب تعمد العدول عن مذهبه على مذهب الكوفيين ليرد على ابن جني تبعًا لموقف سبق أن عرضنا له عندما تكلمنا عن اعتراضاته لابن جني في الرواية.

وصفوة القول أننا لا يمكن أن نحدد للمرزوقي مذهبًا في شرحه للحماسة فنهجه في معالجة القضايا النحوية فيه شيء من الاضطراب, كما أن دراسة مذهب الرجل لا تتم من خلال كتاب واحد فيه أديب أكثر من كونه عالم نحو, والذي ينبغي عمله في هذا الخصوص هو دراسة جميع أعمال الرجل التي تتصل باللغة والنحو وهذا عمل لا يتسع له بحثنا هذا ولا هو من صميمه ولولا أن كلا من الدكتور عسيلان والدكتور العمري قد أقحماه في تناولهما شرح المرزوقي للحماسة الذي تهمنا دراسته في المقام الأول لما خضنا فيه على النحو.

٦ - تحليل المعنى:

اهتم المرزوقي بتحليل معنى النص اهتمامًا ملحوظًا, يتضح هذا الاهتمام في نواح شتى لاحظناها في تتبعنا له وهو يقوم بعملية تحليل المعاني, ولقد رأيناه في العنصر السابق كيف كان يستعين باللغة والنحو في تفسير باللغة والنحو في تفسير الألفاظ والتراكيب وصولًا إلى المعاني وإيضاحها, أما هنا فقد رأيناه ينظر في تحليل معاني النص إلى نواح مختلفة أهمها نظرته إلى وحدة النص ومحاولته الربط بين أبيات القطعة الواحدة بصورة تجعلنا بإدراكه كلية النص لا جزئيته, وثانيها أنه ينظر إلى مقاصد الشعراء ومراميهم فيسجلها أحيانًا قبل الشروع في إيراد المعاني, وثالثها أنه يستقصى المعنى ويورده في أكثر من وجه ويقيم الجدل والحوار بينه وبين نفسه أو قارئه بغية تأكيده وإقراره, ويستحضر الشواهد من القرآن والشعر التي تلتقي في معانيها بمعاني النص خدمة لما قرره فيها من قول وقصدًا لإظهاره. ورابعها أنه كان يتعقب أقوال السابقين في المعاني أنه كان يتعقب أقوال السابقين في المعاني لإبراز جوانب القصور فيها, وخامستها تخيره في عرض المعنى العبارات الأدبية والجمل الإيحائية التي تؤدي المعنى في صورة تبعث المتعة في نفس قارئه وتجعله يستشعر بعقله ووجدانه شرف المعنى وقيمة المضمون.

<<  <   >  >>