إن الأمثلة في هذه النواحي تكاد تشمل سائر أجزاء شرحه, وسوف نحاول أن نعرض نماذج لها حتى تتضح لنا طريقته المتنوعة في تناول المعنى.
أ- نظرته إلى كلية النص:
ففي كلية النص كانت طريقته تتلخص في رؤيته لوحدة البيت من جهة وإلى ارتباطه بغيره من جهة أخرى, فإذا كان البيت قائمًا بذاته دالًا بمفرده على المعنى قام بشرحه وتحليل معناه منفردًا وإلا ربط بينه وبين غيره من الأبيات التي تلتقي معه في الفكرة التي رمي إليها الشاعر, ولهذا جاءت معالجته للنص متفاوتة فتارة يشرح النص بيتًا بيتًا وتارة يجمع بين البيتين أو الثلاثة أو الأربعة فصاعدًا, وتارة ثالثة يورد القطعة كاملة ثم يتناولها بالشرح والتحليل, ولقد رأيناه بالإحصاء يشرح خمسًا سوبعين ومائة قطعة, جميعها من ذوات الثلاثة أبيات فصاعدًا دون أن يجزئها إلى أبيات, كما رأيناه يجمع بين الثلاثة أبيات داخل القطعة الواحدة في واحد ومائة موضع, وبين الأربعة أبيات فصاعدًا في أربعة وثلاثين موضعًا, أما أن يجمع بين البيتين في القطعة الواحدة أو أن القطعة نفسها من ذوات البيتين في الاختيار فإن ذلك في شرحه كثير لا طائل لحصره, هذا فضلًا عن أنه كان إذا حلل النص بيتًا بيتًا ورأى أن صلة ما في المعنى بين البيت وسابقه أو الذي يليه دل ذلك وبينه, فمثلًا بيت بشامة النهشلي الذي يقول فيه:
وإن دعوت إلى جلي ومكرمٍة يوما سراة كرام الناس فادعينا
نظر المرزوقي إلى صلته بما يليه فقال:((هذا الكلام ظاهرة استعطاف لها والقصد به التوصل إلى بيان شرفه واستحقاقه ما يستحقه الأفاضل والأشراف, والأماثل الكرام ... ألا ترى كيف اشتغل بمقصوده من الافتخار فيما يتلو هذا البيت, وهم كما يتخلصون من التشبيهات وغيرها إلى أغراضهم على اختلافها فإنهم قد يتوصلون بمبادئ كلامهم إلى أمثالها, فتقل المؤونة وتخف الكلفة, ولهذا نظائر وأشباه تجيء فيما بعد)).