قال:((يذكر من نفسه الصرامة والنفاذ وفصل الأمور, والصبر على ممارسة الخطوب)) ثم شرح المعنى فقال: ((يقول: إذا عزم على الأمر كان جميع الرأي, يجعل المهموم به نصب عينيه حتى يخرج منه, ونفذ نفاذ السيف الخدم لا يتوقف في الضريبة ولا يكهم)).
ج- إيراد المعنى في أكثر من وجه:
على أن السمة السائدة في معالجته للمعاني تكمن في إيراده المعنى في أكثر من وجه, فهو يستقصيه ويذكر وجوهه, وأحيانًا يفاضل بين وجه ووجه, وأحيانا يورد الوجوه دون مفاضلة, ومن أمثلة ذلك عمله في بيت عنترة بن الخرس المعنى الذي يقول فيه:
ألم تر أن شعرك سار عني وشعري حول بيتك ما يسير
فقد أورد معناه في وجهين دون مفاضلة بينهما قال:((يقول ألم تعلم أن شعرك الذي قتلته في لم يعلق بي ذمة لأنه كان كذبًا وزورًا, وشعري الذي قتلته فيك يطوف حول دارك وبيتك ولا يفرقك لأنه كان صادقًا)). ثم أورد معنى آخر فقال:((ويجوز أن يكون المعنى: ألم تر أن شعري الذي قتلته فيك سار عني لأن الرواة احتملوه استجادة له واستلذاذًا, وشعرك الذي قلته في ملازم لك لزهد الناس فيه لما كان سفسافًا)) وساغ الوجهان جميعًا لأن المصدر يضاف إلى المفعول كما يضاف إلى الفاعل, فعلى ذلك جاز أن يقول شعرك ويريد شعري المقول فيك)).
ونراه يفاضل بين وجهين في بيت من قطعة لبعض بني فقعس يشير فيها إلى مهاجاة قبيلة سنبس له, والبيت هو:
إني امرؤ مكرم نفسي ومتئد من أن أقاذعها حتى أجازيها
قال في الوجه الأول: ((يقول: إني رجل أربأ بقدري عن مكايلتهم وأترفع