حتى يدعم ما قرره فيه, ففي بيت حريث بن جابر الذي يقول فيه:
إذا ظلم المولى فزعت لظلمه فحرك أحشائي وهرت كلابيا
نراه يشرحه ويوضح معناه ثم يقول مستقصيًا وجوهه:((يجوز أن يكون تحركت أحشاؤه لوجيب قلبه وخفقانه, ونبحت كلابه لتهيئه للانتقام وتدججه في السلاح له, وتجمع أصحابه وأعدادهم الخيل والرجل لإغاثته, والكلب ينكر أصحابه إذا رآهم بهذه الأحوال فينبح, أنشد الأصمعي في مثله:
أناس إذا ما أنكر الكلب أهله حموا جارهم من كل شنعاء مظلم
ووجه آخر وهو أن يكون تحركت أحشاؤه لاضطرابه في جمع من يجمع وإعداد ما يعد, والمتسرع في الشيء يلحقه ذلك ومثله: حللنا الكثيب من زرود لنفزعا
أي لتغيث)).
هذا الاستقصاء في تناول المعنى وإيراد الشواهد لإبرازه وإيضاحه نلاحظ في مواضع مختلفة من شرحه, وهو يؤكد ما أوردناه في صفات منهجه الذي سلكه من حيث ذاتيته وأعمال عقله وكد فكره من جهة, وثقافته وإطلاعه الواسع من جهة أخرى.
وإذا كان استقصاؤه للمعاني سمة بارزة في شرحه فإن طريقته الجدلية القائمة على الحوار تعد هي الأخرى خصيصة من خصائص عمله في المعاني, فهو يقرر