المعنى وفق الرؤية التي ارتآها من قراءته للنص ثم يقيم الجدل حوله بغية تأكيد صحته, وذلك في مثل عمله في بيتي أبي الطمحان القيني وهما:
ألا عللاني قبل صدح النوائح وقبل ارتقاء النفس فوق الجوانح
وقبل غٍد يالهف نفسي على غٍد إذا راح أصحابي ولست برائح
فقد أوردها معناهما بقوله:((يقول: عللاني بالمقترح عليكما قبل أن أموت فتقدم النوائح علي يندبنني, وقبل ميقات أجلي وأوان تخلفي عن أصحابي وقد راحوا عني لنزول القدر الغدور بي)) ثم بني جدلًا فقال: فإن قيل: كيف قدم ذكر صدٍح النوائح على ذكر الموت وإنما يكون بعده؟ قلت: إن العطف بالواو لا يوجب ترتيبًا ألا ترى أن الله تعالى قال: ((واسجدي واركعي)) والركوع قبل السجود في ترتيب أفعال الصلاة)).
د- تعقبه الآخرين في شرح المعاني:
وهو بجانب ما ذكرنا لا يكتفي بمعالجته للمعنى وإبرازه من خلال هذه السبل التي وضحناها بل يزيد على ذلك أنه كان يتعرض لشرح من سبقه في المعاني, ولكنه كان لا يفعل ذلك إلا في مجال التعقيب والانتقاد, وهو في هذا يختلف عن أبي العلاء الذي يأتي القول فيه فيما بعد, والذي كان يورد شروح الآخرين في المعاني ويبين وجه الحسن فيها مضيفًا إليها ما يراه من جديد معنى. أما المرزوقي فإن صفة الاستعلاء التي تركبت عليها نفسه والتي نوهنا لها في أكثر من موضع تجعله دائمًا يقف من سابقيه المشاركين له في عمل الحماسة موقف المتجاوز عما أحسنوا فيه المتعقب لما قصروا فيه. قال في بيت قبيصة بن جابر الذي يقول فيه: